اسم الکتاب : منابع الهداية الصافية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 257
ومنها حكمه في أسارى بدر، فنزلت كما
ذكر:﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي
الأَرْضِ... ﴾ (الأنفال: 67)
وفي هذا المقام يذكر الخطباء
والوعاظ كثيرا، وببعض التباهي أن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم حين نزلت هذه الآية:﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ
أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ﴾ (الأنفال: 67) قال: (لو نزلت نار من
السماء لأحرقتنا إلا عمر)[1]
وكعادة الخطباء فإنهم يمططون هذه
القصة، ويضيفون إليها بعض التوابل ليخرج الناس منبهرين بعبقرية عمر وذكائه وحكمته،
وينسوا أنهم خرجوا أيضا وقد بنوا كل ذلك البنيان على حساب تقديرهم لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم.. ولكن أصحاب السنة المذهبية
لا يهمهم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بقدر ما يهمهم عمر.
ونحن لا يهمنا أن يقدروا عمر أو
غيره من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم.. ولكن لا على حساب رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم.. فنحن مأمورون بالتأسي برسول
الله a
وتعظيمه وتعزيرة وتوقيره.. ولسنا مأمورين بفعل ذلك مع غيره.
ولهذا نجد أصحاب الهوى الأموي يشيدون بأمثال هذه الروايات مع
علمهم بعدم وجود ما يدل عليها في الواقع، ومن الأمثلة على ذلك قول ابن تيمية:
(فأما درجة السابقين الأولين كأبي بكر وعمر فتلك لا يبلغها أحد، وقد ثبت في الصحيحين
عن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم أنه قال: (قد كان في الأمم قبلكم محدثون، فان يكن في أمتي فعمر، وفي
حديث آخر: (إن الله ضرب الحق على لسان عمر وقلبه)، وقال على: (كنا نتحدث أن السكينة
تنطق على لسان عمر)، وفي الترمذي وغيره: (لو لم أبعث فيكم لبعث فيكم عمر، ولو كان بعدي
نبي ينتظر لكان عمر).. ومع هذا فالصديق أكمل منه، فإن الصديق كمل في تصديقه للنبي،
فلا يتلقى إلا
[1] ذكر القصة الطبري وابن كثير والقرطبي
وابن العربي والماوردي وغيرهم.
اسم الکتاب : منابع الهداية الصافية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 257