اسم الکتاب : منابع الهداية الصافية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 249
وقد دافع عنه ابن العربي المالكي مع شعوره بغرابته قائلا: (هذا
حديث غريب المعنى؛ لأن الذي جرى للنبي a كان سرا، لم يعلمه إلا الله، ولكنه أذاعه عن نفسه؛
تسلية للخلق، وتعليما لهم، وقد كان آدميا ذا شهوة، ولكنه كان معصوما عن الزلة، وما
جرى في خاطره حين رأى المرأة أمر لا يؤاخذ به شرعا، ولا ينقص من منزلته، وذلك الذي
وجد في نفسه من إعجاب المرأة له هي جبلة الآدمية التي تتحقق بها صفتها، ثم غلبها بالعصمة،
فانطفت، وجاء إلى الزوجة؛ ليقضي فيها حق الإعجاب والشهوة الآدمية بالاعتصام والعفة)[1]
ولست أدري ما أقول تعليقا على هذه الروايات، والتبريرات المرتبطة بها، وهل
هي تتعلق برسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
الذي نعرفه.. والممتلئ بالطهارة والعفة.. ذلك الذي وصف الله تهجده وزهده وعبادته
وتقواه.. ذلك الذي أتته الدنيا راغمة، فقال: إليك عني.. ذلك الذي آثر في شبابته
إلى كهولته أن يتزوج امرأة تكبره سنا، وكان مع ذلك في أكثر أوقاته متوجها إلى ربه
مستغرقا في تلك العوالم الجميلة.. أم أنه شخص آخر مختلف تماما؟
وهذا الشخص الذي ألصقوه برسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم غريب جدا، فهو لا يكتفي
بأن يستأذن أصحابه من أجل أن يعاشر زوجته.. بل يستأذن النساء أيضا بأن يتركنه مع
زوجته لقضاء حاجته.. ثم يعود إليهم، وتعود هي إليهن.. وكأنه لم يحصل شيء.. وكأنه
لم يفعل شيئا يجتهد أصحاب الطبع السليم في ستره، ويستحيون من مجرد الإشارة إليه.
وفوق ذلك يرمون رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بأنه رمى بصره للمرأة
الغريبة الأجنبية، فأعجبته.. وهم يريدون بذلك: أثارت شهوته.. لأن الإعجاب المجرد
لا يدعو إلى ما ذكروه.
ولو أنهم طبقوا على تلك الروايات ما
ورد في النهي الشديد عن الحديث عن مثل