التحية
مرة عندما كان طفلا، فقد بدا له انه من الاقرب الى المنطق ان يقول (السلام عليك)،
وكانت نتيجة ذلك انه تلقى تأنيبا من والده الذي علمه أن المسلم يقول دائما:
(السلام عليكم)، لأن تحيته تشمل جميع المخلوقات المرئية وغير المرئية، تشمل
الملائكة وتشمل الصراصير.
قلت:
لقد كنت أسمع بحبك للخمر، وهو شيء طبيعي بين قومنا وأهل بلدنا، فكيف استطعت أن
تتخلص منها، أو كيف لم تقف الخمر حجابا بينك وبين الإسلام؟
قال:
لقد ظننت في بادئ الأمر انني لن استطيع النوم جيدا دون جرعة من الخمر في دمي، ولكن
ما حدث بالفعل كان عكس ما ظننت تماما، فنظرا لأن جسمي لم يعد بحاجة الى التخلص من
الكحول، أصبح نبضي أثناء نومي اهدأ من ذي قبل.
سكت
قليلا، يسترجع ذكرياته، ثم قال: كنت في جاهليتي الشخصية قبل اعتناقي الاسلام خبيرا
بالخمور حتى إنني كنت أحدد أنواع الأنبذة الحمراء المدهشة بمجرد تذوقها بطرف
لساني.
لقد وجدت
مع ذلك ان التحريم القرآني للخمر والمخدرات ليس ضرورة اجتماعية فحسب، وانما هو
ايضا منفعة شخصية للفرد، اذ يمكنه ان يكون متيقظا صافي الذهن دائما، ومن ثم، انهيت
هذه المرحلة من حياتي مرة واحدة، وإلى الابد، فان الانسان، بفضل قدرته على التفكير
وإعمال عقله، يفاخر بأنه اعظم المخلوقات. فنحن البشر نستطيع ان نمعن التفكير في
العالم من حولنا وفي احوالنا، وان نتصرف بحكمة، وهذه الصفات التي ترقى بنا، هي ذات
الصفات التي ندمرها على نحو منتظم بتعاطي الخمور والمخدرات، ونحن بذلك نمتهن
انفسنا ونحط من قدرتنا داخل المنظومة الكونية، وننحدر بالتالي الى مكانة ادنى من
مكانة الحيوانات، التي لا يغيب عنها وعيها ابدا. فادمان تعاطي الخمور والمخدرات
نوع من التشويه الذهني الذاتي. وكانت مديرة منزلي الصربية في بلغراد مثالا منذرا
لي، اذ كانت تعود دائما الى ادمان الخمر، حتى بعد علاج لفترات طويلة.