قال:
لقد تحدث عن قدرة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم على تحويل الولاء للقبيلة الذي يمثل العنصرية إلى الولاء
للإسلام الذي يمثل الولاء للفكرة، فقال: (ما كان من محمد إلا أن تناول المجتمع
العربي هدمًا من أصوله وجذوره وشاد صرحًا اجتماعيًا جديدًا.. هذا العمل الباهر لم
تخطئه عين (ابن خلدون) النفاذة الثاقبة. إن محمدًا هدم شكل القبيلة والأسرة
المعروفين آنذاك، ومحا منه الشخصية الفردية Gentes والموالاة والجماعات المتحالفة. من يعتنق دين الإسلام عليه أن
ينشئ روابطه كلها ومنها رابطة قرباه وأسرته، إلا إذا كانوا يعتنقون دينه (إخوته في
الإيمان). فما داموا هم على دينهم القديم فإنه يقول لهم كما قال إبراهيم لأهله:
(لقد تقطعت بيننا الأسباب)[1]
وتحدث عن
ثمرة ذلك، فقال: (ذلكم هو شكل النظام الجديد الذي دعا إليه محمد.. ونحن نجد في ظله
أن قيمة الفرد بدأت تتضح وكينونته البشرية أخذت تبرز إلى عالم الوجود فصار يستمد
حقوقه وواجباته من إيمانه ويستقيها من معين دينه لا من روابطه الاجتماعية
والعرفية. فمن جماعة المؤمنين هؤلاء تكون المجتمع الإسلامي)[2]
وتحدث عن
الوجهة التي يتوجه إليها ولاء المؤمن، فقال: (إن أساس الوحدة الاجتماعية يمثله
(الله) في الإسلام. فالله هو الاسم الذي يطلق على السلطة العاملة في حقل المصلحة
العامة. وعلى هذا المنوال يكون بيت المال هو (بيت مال الله)، والجند هم (جند
الله)، حتى الموظفون العموميون هم (عمال الله) وليست العلاقة بين الله والمؤمن
بأقل قوة من ذلك ولا يوجد بين المؤمن وربه (وسيط)، وما دام الإسلام لا يقرّ بسلطان
كنسي وكهنوتي ولا يعترف