الغريب عنه،
فقال: هذا (سير هاملتون الكساندر روسكين جب)[1] وهو من كبار المستشرقين الإنجليز،
بل يمكنك أن تعتبره إمامهم.. وبالرغم من بعض سوء الفهم الذي عرض له، كما عرض لسائر
المستشرقين نحو بعض القضايا الإسلام، إلا أن له بعض المواقف الطيبة والشهادات
الصادقة، وقد قمت بتسجيل بعضها، وسأسردها عليك.
منها
شهادته على ما يحويه القرآن من القيم النبيلة، قال: (إذا رأى أحد أن إلحاح القرآن
على فعل الخير غير كثير أثبتنا له بالحجة القاطعة خطأه وسقنا إليه ذلك التعريف
الشامل للبر في تلك الآية العظيمة:﴿
لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ
وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ
وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ
وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا
عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ والضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ
أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ (البقرة: 177) فالبر إذن تاج الإيمان الحق،
حين يدرك المؤمن أخيرًا أن الله شاهد أبدًا، ويستجيب لشهوده في كل أفكاره وأعماله)[2]
ومنها
شهادته حول التواصل بين الدين والدنيا في الإسلام، يقول: (هذه، إذن، هي الرسالة
التي بلغها القرآن إلى الجيل الأول من المسلمين وظل يبلغها إلى جميع الأجيال منذ
ذلك العهد. فالقرآن سجل لتجربة حية مباشرة في ميدان الألوهية، تجربة ذات طرفين:
واحد مطلق وآخر متصل بشؤون الحياة العامة، ودعوة للمخلوق كي ينظم حياته ليتمكن من
الأخذ بنصيب
[1] سير هاملتون الكساندر
روسكين جب 1895 – 1967 يعد إمام المستشرقين
الإنكليز المعاصرين، أستاذ اللغة العربية في جامعة لندن سنة 1930، وأستاذ في جامعة
أكسفورد منذ سنة 1937، وعضو مؤسس في المجمع العلمي المصري، تفرغ للأدب العربي
وحاضر بمدرسة المشرقيات بلندن.
من آثاره: (دراسات في
الآداب العصرية) (1926)، (الفتوحات الإسلامية في آسيا الوسطى وعلاقتها ببلاد
الصين)، (رحلات ابن بطوطة)، (اتجاهات الإسلام المعاصرة)، وهو أحد محرري دائرة
المعارف الإسلامية.