الخافتة،
حيث كنت أدرس حركات الصلاة وأكررها، وكذلك الآيات القرآنية التي سأتلوها، والأدعية
الواجب قراءتها في الصلاة.
وبما أن
معظم ما كنت سأتلوه كان باللغة العربية[1]، فقد لزمني حفظ النصوص بلفظها
العربي، وبمعانيها باللغة الإنجليزية، وتفحصت الكتيب ساعات عدة، قبل أن أجد في
نفسي الثقة الكافية لتجربة الصلاة الأولى، وكان الوقت قد قارب منتصف الليل، لذلك
قررت أن أصلي صلاة العشاء.
ودخلت
الحمام ووضعت الكتيب على طرف المغسلة مفتوحاً على الصفحة التي تشرح الوضوء، وتتبعت
التعليمات الواردة فيه خطوة خطوة، بتأن ودقة، مثل طاهٍ يجرب وصفة لأول مرة في
المطبخ.
وعندما
انتهيت من الوضوء، أغلقت الصنبور وعدت إلى الغرفة والماء يقطر من أطرافي، ووقفت في
منتصف الغرفة، متوجهاً إلى ما كنت أحسبه اتجاه القبلة.
نظرت إلى
الخلف لأتأكد من أنني أغلقت باب شقتي، ثم توجهت إلى الأمام، واعتدلت في وقفتي،
وأخذت نفساً عميقاً، ثم رفعت يدي، وبراحتين مفتوحتين ملامساً شحمتي الأذنين
بإبهامي، ثم بعد ذلك، قلت بصوت خافت (الله أكبر).
كنت آمل
ألا يسمعني أحد. فقد كنت أشعر بشيء من الانفعال. إذ لم أستطع التخلص من قلقي من
كون أحد يتجسس علي.
وفجأة
أدركت أنني تركت الستائر مفتوحة، وتساءلت: ماذا لو رآني أحد الجيران؟ تركت ما كنت
فيه، وتوجهت إلى النافذة، ثم جلت بنظري في الخارج لأتأكد من عدم وجود أحد.
[1] ذكرنا في المسائل الفقهية
المرتبطة بهذا الجانب أنه لا ينبغي التشدد في هذا الباب، فيمكن للمصلي أن يصلي
باللغة التي يعرفها، وفي الفقه الإسلامي الأدلة الكثيرة المببينة لجواز هذا، ولعل
أقواها قوله تعالى:﴿ وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)(طـه: من الآية14)،
فالغرض من الصلاة هو ذكر الله، وهو يتحقق بأي لغة من اللغات.