اسم الکتاب : شمائل النبوة ومكارمها المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 110
حيطان الأنصار، فجعل يلتقط من
التمر، ويأكل، فقال لي: (يا ابن عمر ما لك لا تأكل؟) قلت يا رسول الله لا أشتهيه،
قال: (لكني أشتهيه، وهذه صبح رابعة لم أذق طعاما، ولم أجده، ولو شئت لدعوت ربي
فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر، فكيف بك يا ابن عمر إذا بقيت في قوم يحبون رزق سنتهم
ويضعفون؟ قال: فو الله ما برحنا، ولا زمنا حتى نزلت: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ
دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [العنكبوت: 60] فقال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (لم يأمرني بكنز الدنيا، ولا
اتباع الشهوات، فمن كنز دنياه يريد بها حياة باقية، فإن الحياة بيد الله، ألا وإني
لا أكنز دينارا، ولا درهما، ولا أخبّىء رزقا لغد)[1]
[الحديث: 383] عن أبي عامر عبد الله قال:
لقيت بلالا مؤذن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم
بحلب فقلت: حدثني كيف كانت نفقة النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم فقال: ما كان له شيء من ذلك، إلا أني الذي كنت آتي ذلك منه
منذ بعثه الله تعالى، إلى أن توفي، فكان إذا أتاه الإنسان فرآه عاريا يأمرني
فأنطلق، فأستقرض، فأشتري البردة، والشيء، فأكسوه وأطعمه، حتى اعترضني رجل من
المشركين، فقال: يا بلال إن عندي سعة، فلا تستقرض من أحد إلا مني ففعلت، فلما كان
ذات يوم توضأت، ثم قمت لأؤذن بالصلاة، فإذا المشرك في عصابة من التجار، فلما رآني
قال: يا حبشي قلت: لبيك فتجهّمني، وقال قولا غليظا، فقال: ألا ترى كم بينك وبين
الشهر؟ قلت: قريب، قال: إنما بينك وبينه أربع ليال، فآخذك بالذي عليك، فإني لم
أعطك الذي أعطيتك من كرامتك، ولا من كرامة صاحبك، ولكن أعطيتك لتصير لي عبدا،
فأذرك ترعى الغنم، كما كنت قبل ذلك، فأخذ في نفسي ما يأخذ في أنفس الناس، فانطلقت،
ثم أذنت بالصلاة، حتى إذا صليت العتمة، رجع رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم إلى أهله، فاستأذنت عليه، فأذن لي،
فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، إن المشرك الذي قلت لك إني كنت أتديّن منه قد
قال: