اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 357
العضوض للدين، استدراكا على
المصادر المقدسة، نشر الكثير من القيم التي تتنافى مع الدين، ومن أبرزها قيم
الصراع والعنف، والذي جعل من الإسلام دينا مليئا بمظاهر العنف، سواء مع المخالف في
المذهب والطائفة، أو المخالف غير المسلم.
ولذلك استبدل الحوار والجدال
بالتي هي أحسن بالسيف، وصار السيف هو الوسيلة الوحيدة المستعملة، ليس مع غير
المسلمين فقط، وإنما مع المسلمين أيضا.
وليت الأمر اقتصر في ذلك على
اجتهادات الفقهاء، بل إنه تعداه إلى المصادر المقدسة نفسها، ليمحو منها كل ما فيها
من قيم الرحمة والتسامح والعفو، لا بمحو ألفاظها، فالقرآن الكريم قد تكفل الله
بحفظه، ولهذا لم يستطع أصحاب الملك العضوض من هذه الأمة أن يحرفوه كما فعل أصحاب
الملك العضوض من الأمم الأخرى، ولذلك استبدلوا تحريف التنزيل بتحريف التأويل.
ومن الأمثلة على ذلك العبث بالقيم
القرآنية ذلك التلاعب الذي جرى باسم الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول ونحوها من علوم
القرآن الكريم التي ابتدعها الممجدون للملك العضوض، وقيدوا بها المعاني القرآنية
أو عطلوها، أو حرفوها.
ومن الأمثلة على ذلك العبث
بالآية الكريمة التي تضع قانون التعامل مع المخالف في الدين أيا كان كتابيا أو غير
كتابي، وهي قوله تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ
يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ
تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
﴾ [الممتحنة: 8]، فالآية الكريمة تدعو إلى البر والقسط بين المسلمين وغيرهم
من أهل الأديان المختلفة، بل حتى مع الملحدين منهم، لأن القيد فيها مرتبط
بالمحاربة، ولا علاقة له بالدين، وهي بذلك تقسم الناس إلى معتدين ومسالمين، كما
تقسمهم آيات أخرى إلى مستضعفين ومستكبرين.
لكن أصحاب الملك العضوض ـ وباسم
علم أسباب النزول ـ عطلوا الآية الكريمة
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 357