اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 35
الجبال،
وسيجيبونه عن المآسي التي فعلها بهم صلاح الدين، لا لشيء إلا لكونهم يخالفون
طائفته، والتي لم يكن يهمها منها إلا سلطته واستبداده.
يقول أحد
الباحثين العلويين المعاصرين معبرا عن بعض ما حصل لهم في عهد صلاح الدين: (قام
صلاح الدين الأيوبي، بحبس بقايا العلويين في مصر، وفرّق بين الرجال والنساء حتى لا
يتناسلوا، وأبادَ المكتبات العلمية وأتى على محتوياتها، وحين ضمّ الشام إلى ملكه
سنة 569 هـ، ساءت في عصره حالة العلويين أكثرهم، وذلك لحرمانهم إعلان حرية
اعتقادهم فخلدوا حينها إلى السكينة والهدوء حفاظاً على أنفسهم من الإبادة والتنكيل،
وبقي بعدها الأيوبيون يُضيّقون على العلويين الخناق ويُبعدونهم عن موارد الحُكم،
حتى لجأوا حينها إلى العَيش في أكناف الجبال، لضعفهم عن المقاومة)[1]
9 ـ صلاح
الدين.. والتسامح مع الصليبين:
في مقابل تلك
الشدة مع الفلاسفة والمفكرين والفاطميين والعلويين وعامة الناس من المستضعفين تذكر
لنا كتب التاريخ المدى الذي بلغه تسامحه مع الصليبيين إلى الدرجة التي جعلتهم
يشيدون به، بل يذكرونه في أشعارهم؛ بل إن الشاعر الإيطالي الكبير دانتى اعتبر صلاح
الدين الأيوبي في ملحمته الكبرى (الكوميديا الإلهية [2]) من أنبل نبلاء العصور كلها، واستثناه فى
ملحمته من دخول النار هو، والاسكندر الأكبر.
ونحن لا ننكر
قيمة التسامح، ولكن ننكر توجيهها إلى غير محلها، وحرمان محالها منها؛ فقد كان أولى
الناس بتسامحه أولئك المستضعفين الذين قهرهم، وأولئك الفلاسفة الذين قتلهم، وأولئك
الشباب الأغرار الذين قضى عليهم في حروبه التي خاض أكثرها
[1]
كتاب تاريخ العلويين، محمد امين غالب الطويل، اللاذقية سنه 1924.
[2]
الكوميديا الإلهية ملحمة شعرية طويلة للشاعر الإيطالي دانتي أليجيري، عرفت في
الأدب العالمي بهذا الاسم، بدأها دانتي عام 1308م وانتهى منها عام 1321م وموضوعها
الرئيسي هو الحياة بعد الموت، ودانتي هو الشخصية الرئيسية فيها.
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 35