اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 137
حضر على علي
وظن أن بادرة تبدر إليه، فبكى المتوكل بكاء كثيراً حتى بلت دموعه لحيته وبكى من
حضره، ثم أمر برفع الشراب)[1]
وللأسف، فإن
المدافعين عن المتوكل وغيره من أصحاب الملك العضوض لا ينظرون إلى جرائمه، ويكتفون
ببكائه، وهو بكاء لا يسمن ولا يغني من جوع، ذلك أنه كان يفعل بعده كل ما يفعله
قبله، وما فائدة البكاء حينئذ.
ونحن لا ننكر أن
يكون في ذلك الحين الذي بكى فيه صادقا في بكائه، لكن ما فائدة البكاء من شخص
استولت عليه نفسه وأهواؤه وشهواته، وصار أسيرا لها، إلى أن قتل كما يذكر المؤرخون
وهو على تلك الحال.
وللأسف فإن
أصحاب النظرات القاصرة يكتفون من أي شخص بمشهد من مشاهد الصدق، ولا ينظرون لما
بعده، مع أن المواقف لا تتخذ إلا بعد الدراسة الشاملة.
وقد أشار القرآن
الكريم إلى ذلك عند بيانه لموقف الوليد بن المغيرة من القرآن الكريم، فلو أنا
اكتفينا بذلك التأثر الذي بلغ به في لحظة من اللحظات أوجه، لاعتقدنا بإيمانه،
وتقواه، وضممناه إلى جملة الصحابة العدول.. ولكن الموقف المرتبط بتأثره كان محدودا
جدا، ولم يكن له أي أثر عملي.