responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 137

حضر على علي وظن أن بادرة تبدر إليه، فبكى المتوكل بكاء كثيراً حتى بلت دموعه لحيته وبكى من حضره، ثم أمر برفع الشراب)[1]

وللأسف، فإن المدافعين عن المتوكل وغيره من أصحاب الملك العضوض لا ينظرون إلى جرائمه، ويكتفون ببكائه، وهو بكاء لا يسمن ولا يغني من جوع، ذلك أنه كان يفعل بعده كل ما يفعله قبله، وما فائدة البكاء حينئذ.

ونحن لا ننكر أن يكون في ذلك الحين الذي بكى فيه صادقا في بكائه، لكن ما فائدة البكاء من شخص استولت عليه نفسه وأهواؤه وشهواته، وصار أسيرا لها، إلى أن قتل كما يذكر المؤرخون وهو على تلك الحال.

وللأسف فإن أصحاب النظرات القاصرة يكتفون من أي شخص بمشهد من مشاهد الصدق، ولا ينظرون لما بعده، مع أن المواقف لا تتخذ إلا بعد الدراسة الشاملة.

وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك عند بيانه لموقف الوليد بن المغيرة من القرآن الكريم، فلو أنا اكتفينا بذلك التأثر الذي بلغ به في لحظة من اللحظات أوجه، لاعتقدنا بإيمانه، وتقواه، وضممناه إلى جملة الصحابة العدول.. ولكن الموقف المرتبط بتأثره كان محدودا جدا، ولم يكن له أي أثر عملي.

فقد قال تعالى معلما لنا كيف ننظر نظرة كلية لا جزئية قاصرة: { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ } [المدثر: 11 - 25]


[1] وفيات الأعيان (3/ 273)

اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 137
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست