قلت: لقد نبه النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم إلى أن القوي الحقيقي هو من استطاع التغلب على نزعة الغضب
التي تستفزه، فقد مر بقوم يصطرعون فقال:(ما هذا؟)، قالوا: فلان لا يصارع أحداً إلا
صرعه، فقال النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم:(أفلا أدلكم على من هو أشد منه؟ رجل كلمه رجل فكظم
غيظه، فغلبه وغلب شيطانه وغلب شيطان صاحبه)[1]
قال: ولهذا جعل الله
تعالى كظم الغيظ من صفات المؤمنين في آيات كثيرة، فقال تعالى:﴿ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ
وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾(الشورى:37)، وقال تعالى:﴿ الَّذِينَ
يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ
وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾(آل
عمران:134)، ووصف عباد الرحمن فقال:﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى
الْأَرْضِ هو ناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً﴾(الفرقان:63)
قلت: وقد كان النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم يكتفي بوصية من يستفزه الغضب بترك الغضب، ويكتفي بذلك، فقد
روي أن رجلاً قال للنبي a: أو صني فقال: لا تغضب
فردد مراراً فقال:(لا تغضب)[2]
قال: وقد قال له
رجل: يا رسول الله، دلني على عمل يدخلني الجنة، فقال a:(لا تغضب)[3]، بل أخبر a بما هو فوق
ذلك، فقال:(من كظم غيظاً وهوقادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم
القيامة حتى يخيره من الحور العين فيزوجه منها ما شاء)[4]
قلت: واعتبر a الغضب مفسدا للإيمان، فقال:(إن الغضب يفسد الإيمان كما يفسد