اقتربنا من بعض
الأطباء، فسمعناه يقول:.. ولعظم ضرر الحسد على الإنسان وعلى المجتمع، فقد نفر
القرآن الكريم منه، وأمر بالاستعاذة من شر الحاسد كما أمر بالاستعاذة من نفث
الشيطان، فالحسد مفسد للطاعات، باعث على الخطايا.. وهو نار تضطرم في صدر الحسود،
فما تراه إلا كاسف الوجه، قلق الخواطر، غضبان على القدر قد عادى حكمة الله، قال تعالى:﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ
اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾(النساء:54)..
اقتربنا من طبيب آخر[1]، فسمعناه يقول:.. الحسد يضر بالنفس لأنه يشغلها عن
التصرف المفيد لها وللبدن، وذلك يسبب طول الحزن والتفكر، ثم إنه يضر بالجسد لما
يعرض للمحسود من طول السهر وسوء الاغتذاء، وينشأ عن ذلك رداءة من اللون وسوء
السحنة وفساد المزاج.
اقتربنا من طبيب آخر[2]، فسمعناه يقول:.. والحسد يؤدي إلى ظهور انفعالات
نفسية عصبية كما تضطرب عنده الغدد الصماء، فيعتل جسمه ويذوب.
فالحاسد دوماً في
ضيق وقلق، وهذا يصحبه الأرق، ومع استمرار الأرق يحس بالإعياء والتعب ويفقد شهيته
للطعام ويتناقص وزنه ثم تظهر عنده أعراض عصبية مزعجة، كالصداع والطنين في الأذنين
تمنع عنه الراحة والهدوء، وقد تظهر آلام خناقية في صدره، وكلما احتدمت نزوات حسده
زاد الألم وتكررت نوباته مما يعرضه للإصابة بالذبحة الصدرية.
والحسد يهيء للإصابة
بقرحة المعدة التي ثبت أنها تنشأ من الانفعالات أكثر مما تنشأ عن خطأ في التغذية،
وقد يؤدي لارتفاع الضغط الدموي، والذي يتناسب ارتفاعه مع زيادة الانفعالات ويعظم
خطره. ونحن نعلم أن أطباء القلب يوصون المرضى بالهدوء والراحة وترك الهواجس، ونبذ
انشغال الفكر بالغير والبعد ما أمكن عن الانفعالات النفسية.