ارتد إلي عقلي،
وتصنعت بعض الجد، فسألني القوم: لم تكمل.. ماذا قال الزبون؟
قلت: عندما انتهى من
أكله، قال لمن معه: وداعا، سألتقي بكم في نكتة أخرى.
الاعتدال
اقتربنا من المركز
الثاني من مراكز التدريب على اللهو، فقرأت لافتة على بابها كتب عليها قوله تعالى:﴿ وَأَنَّهُ هو أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾
(لنجم:43)، ورأيت قوما جالسين، وقد انقسموا إلى فريقين:
أما أحدهما، فكان
يتبادل أفراده النكت فيما بينهم، ويضحكون ضحكا شديدا إلى درجة أني ضحكت لضحكهم من
غير أن أعلم سببا لذلك.
وأما الثاني، فكان
أفراده يتبادلون المواعظ، وهم ينظرون بحزن وأسف للفريق الأول، وأعينهم تنهمر،
وتكاد قلوبهم تتفطر، وقد أثر في منظرهم، فكادت دموعي تنحدر، وكاد قلبي يتفطر.
وبينما هما كذلك إذ
صعد المنصة رجل يرتدي حلة أطباء هذا المستشفى، فسألت المعلم عنه، فقال: هذا خبير
قدمت به إدارة المستشفى ليفسر هذه الآية.
قلت: ومن هؤلاء
الحاضرون؟
قال: هؤلاء فريقان
من الناس اختلفوا فيما بينهم، فبعضهم قدم الضحك على البكاء، وبعضهم قدم البكاء على
الضحك.
قلت: أهؤلاء كالذين
اختلفوا في الفقير الصابر، والغني الشاكر.
قال: تقريبا.. وقد
وصل الخلاف بينهم إلى الحد الذي استدعت فيه إدارة هذا المستشفى هذا الخبير ليشرح
فوائد الضحك.
قلت: أإدارة
المستشفى ـ إذن ـ تفضل الضحك على البكاء؟
قال: لا.. هي لا
تفضل أحدهما على الآخر.. بل تعالج بهما جميعا.