اسم الکتاب : مجزرة بني قريظة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 105
يصر تلاميذهم
على التلقي منهم، ليحصلوا على الإسناد العالي، والذي أشار إليه الذهبي بقوله: (كل
تغير يوجد في مرض الموت فليس بقادح في الثقة فإن غالب الناس يعتريهم في مرض الموت
الحاد نحو ذلك، وإنما المحذور أن يقع الاختلاط بالثقة فيحدث في حال اختلاطه بما
يضطرب في إسناده ومتنه فيخالف فيه)[1]
وهكذا نجد مصادر
كثيرة للكذب والوضع في الرواية، قبل التدوين وبعده، وذلك مما يدعو إلى المزيد من
التحري والتحقيق، وعدم الاكتفاء بالسند وحده، بل دراسة النصوص من كل الزوايا، ذلك
أن الوضاعين لن يصعب عليهم أن يتلاعبوا بالأسانيد؛ فيدسوا فيها ما شاءوا، وخاصة في
ظل تساهل المحدثين في مرحلة الدراية.
والذي يسر ذلك
كله عدم اهتمام السلطات بالرواة، ولا بشروطهم؛ فيكفيها ألا يتحدثوا في شؤون الحكم
ومعارضته والتحريض عليه، بالإضافة إلى تساهل العلماء أنفسهم في شروط الرواة، حيث
أن شروط الرواة عندهم أيسر من شروط الشهادة.
وذلك كله نتيجة
الابتعاد عن القيم القرآنية؛ فالقرآن الكريم ذكر خطورة الشهادة في مسائل وفروع بسيطة
تتعلق بآحاد الناس، فشرط العدد في الشهود، بالإضافة للعدالة ونحوها حتى لا يتهم
البريء، وينجو المجرم.. لكنا نجد المحدثين سلكوا مع الحديث منهجا أيسر وأسهل حتى
يتاح التحديث لآحاد الناس، ليطرح كل واحد ما يشاء من غير أن يحتاج لمن يشهد معه،
أو يقف بجنبه.
مع انه الأجدر بهم أن يجعلوا شروط رواة الحديث أعظم، وعددهم
أكثر، لأن القضية لا تتعلق بفرد واحد من الناس، وإنما تتعلق بأمة كاملة، وبدين
كامل، لكن المحدثين لم يهتموا بهذا، ولم يعطوه الأهمية التي يستحقها، بل إننا
نجدهم