اسم الکتاب : الأنبياء والهدي المقدس المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 172
الصورة التي كان يعرفه موسى - عليه
السلام - عليها، وكان موسى غيورا، فرأى في داره رجلا لم يعرفه، فشال يده فلطمه،
فأتت لطمته على فقء عينه التي في الصورة التي يتصور بها، لا الصورة التي خلقه الله
عليها... ولـما كان من شريعتنا أن من فقأ عين الداخل داره بغير إذنه، أو الناظر
إلى بيته بغير أمره، أنه لا جناح على فاعله، ولا حرج على مرتكبه، للأخبار الجمة
الواردة فيه... كان جائزا اتفاق الشريعة بشريعة موسى، بإسقاط الحرج عمن فقأ عين
الداخل داره بغير إذنه، فكان استعمال موسى هذا الفعل مباحا له، ولا حرج عليه في
فعله، فلما رجع ملك الموت إلى ربه، وأخبره بما كان من موسى فيه، أمره ثانيا بأمر
آخر، هو أمر اختبار وابتلاء، فلما علم موسى كليم الله أنه ملك الموت، وأنه جاءه
بالرسالة من عند الله، طابت نفسه بالموت، ولم يستمهل، وقال: الآن، فلو عرف موسى في
المرة الأولى أنه ملك الموت، لاستعمل ما استعمل في المرة الأخرى عند تيقنه وعلمه
به)[1]
بل إن بعضهم ـ وهو محمد بن أحمد العلوي ـ
ألف في ذلك كتابا بعنوان [توضيح طرق الرشاد لحسم مادة الإلحاد في حديث صك الرسول
المكلم موسى عليه السلام للملك الموكل بقبض أرواح العباد]
وقد حاول أن يبين فيه أن الملاك الذي فقأ
موسى عليه السلام هو ملاك الموت، وأن عينه فقئت حقيقة، ولولا أن الله ردها عليه
لبقي أعور.. يقول في ذلك: (إن ملك الموت جاء في صورة يمكن فقء البشر لعينها،
والمعهود في مجيء الملك للبشر هو مجيئه له على صورة البشر، كما قال تعالى:
﴿فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ﴾ [مريم: 17]، وكما أفادته
النصوص القرآنية التي ذكر فيها مجيء الملائكة لإبراهيم وللوط وداود، وكذا نصوص
الأحاديث التي ذكر