اسم الکتاب : الأنبياء والهدي المقدس المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 165
الله، فاستقالوه، فأقالهم، وتنظر يونس
الخبر عن القرية وأهلها، حتى مر به مار، فقال: ما فعل أهل القرية؟ فقال: فعلوا أن
نبيهم خرج من بين أظهرهم، عرفوا أنه صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم
إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كل ذات ولد وولدها، وعجوا إلى الله وتابوا إليه،
فقبل منهم، وأخر عنهم العذاب، قال: فقال يونس عند ذلك وغضب: والله لا أرجع إليهم
كذابا أبدا، وعدتهم العذاب في يوم ثم رد عنهم، ومضى على وجهه مغاضبا)[1]
وهذا حديث خطير، فهو يصور يونس عليه
السلام بصورة الغاضب من ربه، لأنه لم ينفذ العذاب عليهم.. ويصورونه فوق ذلك بصورة
الغليظ القاسي الذي لم يفرح بإيمان قومه، بل يصورونه حزينا لأجل إيمانهم.
ومثله ما روي عن وهب بن منبه، أنه قال: (إن
يونس بن متى كان عبدا صالحا، وكان في خلقه ضيق، فلما حملت عليه أثقال النبوة، ولها
أثقال لا يحملها إلا قليل، تفسخ تحتها تفسخ الربع تحت الحمل، فقذفها بين يديه،
وخرج هاربا منها، يقول الله لنبيه a: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا
صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ﴾
[الأحقاف: 35] ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ
الْحُوتِ﴾ [القلم: 48]: أي لا تلق أمري كما ألقاه)[2]
وقد علق الطبري على هذه الروايات وغيرها
بقوله: (وهذا القول، أعني قول من قال: ذهب عن قومه مغاضبا لربه، أشبه بتأويل
الآية، وذلك لدلالة قوله ﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾
[الأنبياء: 87] على ذلك، على أن الذين وجهوا تأويل ذلك إلى أنه ذهب مغاضبا