اسم الکتاب : الأنبياء والهدي المقدس المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 157
الشيطان في صورته، فقال: هاتي الخاتم،
فأعطته، فجاء حتى جلس على مجلس سليمان، وخرج سليمان بعد فسألها أن تعطيه خاتمه،
فقالت: ألم تأخذه قبل؟ قال: لا، وخرج من مكانه تائها، قال: ومكث الشيطان يحكم بين
الناس أربعين يوما..)[1]
إلى آخر القصة التي
فسروا بها الآيات الكريمة.. وقد انبرى الأموي في كتابه [تنزيه
الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء] ليزيل الشبه المرتبطة بها، وسنذكر بتصرف
ما قال لنرى الدروس التي يستلهمها السلفية من تلك الروايات الإسرائيلية.
وأول تنزيه بدأ به هو (قصة التمثال الذي
صنع لها، وما قيل أنه حكم لأخيها)، وقد خرجها الأمري وجهين، فقال: (يتصور فيها
الجواز من وجهين: أحدهما أن يكون صنع التمثال مباحا له كما كان مباحا لعيسى عليه
السلام قال تعالى: ﴿ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ
بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ﴾ [المائدة: 110]،
فصح من هذه الآية أن عيسى عليه السلام كان يصور التماثيل بإذن الله، وكذلك سليمان
عليه السلام إذا صح أنه لم يحرم عليه فعله في شرعه والأظهر فيه أنه لم يحرم بدليل
قوله تعالى: ﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ ﴾
[سبأ: 13] والتماثيل قد تكون على صور الأناسي.. وأما إن عبدت هي صنما من غير أن
يشعر به سليمان عليه السلام فلا بأس عليه في ذلك، فإن الأنبياء عليهم السلام عنوا
بالظواهر، وأمر البواطن إلى الله تعالى.. وأما قولهم إنها طلبت منه أن يحكم لأخيها
على خصمه فقال لها: نعم، فيجوز له أن يقولها وهو يضمر في نفسه إذا كان الحق له، لا
عليه، ثم طيب نفسها بنعم لكون النساء تطيب أنفسهن بمثل هذه المشتبهات لضعف عقولهن
وجهلهن بالحقائق، ولا يجوز في حقه سوى هذا بدليل أنه لو أضمر في نفسه أن