responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 45

يدعي العصمة منها، ولا يدعي أن إيمانه بربه سيحول بينه وبينها، وإنما يختلف في طريقة تعامله معها.

أما الآخرون فينظرون إليها باعتبارها شرا محضا، وألما خالصا.. وقد تكون وسيلة لتنفيرهم عن ربهم، وكفرهم به.. أما المؤمن؛ فينظر إليها كما ينظر إلى تلك الشدة التي يتعامل به أستاذه معه في بعض الأحيان، حتى يزداد رغبة في العلم.. أو تلك الشدة التي يمارسها الجراح ليستأصل ما في جسده من الأذى.

وهكذا؛ فإن البلاء يطهر المؤمن من غروره وعجبه وكبره وكل آفاته التي تحول بينه وبين حقيقته، ولذلك كان ألمه هينا ويسيرا.. وهو كألم من يشرب الدواء المر؛ فهو يعلم أن صبره على مرارته هي التي ستوفر له الشفاء.

وفوق ذلك؛ فإن المؤمن الذي يعيش بقلبه في الآخرة، كما يعيش بجسده في الدنيا، يشعر بأن كل لحظة من لحظات الآلام ستعوض له بأزمنة لا حدود لها من السعادة، كما ورد في الحديث عن رسول الله a، حيث قال: (يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض)([19])

ولذلك لا تنتقل آلام جسده لروحه، مثلما يحصل للمغبونين في هذا النوع من التجارة، وإنما تنتقل أفراح روحه لآلام جسده لتضمدها، وتملأها بالفرح والسعادة، لأنها تعلم أن ربها الكريم الرحيم لن يتركها فريسة للآلام، وإنما سيجعل من كل لحظة ألم قصرا من قصور السعادة الأبدية.

والمؤمنون أصحاب الدرجات العليا، لا يكتفون بأمثال ذلك العوض، وإنما يحصل لهم نفس ما حصل للنسوة عندما رأين يوسف عليه السلام، فشغلن بالنظر إليه، وتأمل


[19] رواه الترمذي.

اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 45
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست