responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 264

من تلك السعادة، ولم يخسر معها تلك السعادة المحدودة المؤقتة، لأن الله تعالى بكرمه، يعوض عباده كل ما تركه من أجله.

وهكذا ـ أيها المريد الصادق ـ فعل أولئك السحرة الذين ذكرهم القرآن الكريم؛ فقد كانوا يعيشون في بلاط فرعون منعمين بكل أنواع النعيم الحسي، لكنهم عندما اكتشفوا منبع السعادة الحقيقية الدائمة هرعوا إليها، وتركوا تلك السموم التي كانوا يتناولونها.

وهكذا فعل كل أتباع الأنبياء الذين نشروا بالمناشير، وعلقت رؤوسهم على الرماح، وصلبت أجسادهم على الصلبان.. نعم ربما يكونون قد فقدوا بعض نشوة الجسد.. لكنهم نعموا بالسعادة الأبدية، تلك التي وصفها الله تعالى، فقال: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ الله وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 169 - 171]

قارن هؤلاء ـ أيها المريد الصادق ـ بأولئك الذين استعجلوا.. فراحوا يتوهمون أن السعادة في تلك الأموال التي يكسبونها، أو القصور التي يبنونها، أو اللذات التي يتجرعونها، والتي سرعان ما يرتد عليهم سمها، ليسقيهم كل ألوان الشقاء.

لقد ذكر الله تعالى ذلك، ليكون عبرة للعقلاء، فقال: ﴿ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ﴾ [الشعراء: 205 ـ 207]

فتلك المتع المحدودة التي تمتعوا بها لسنين معدودة، لا تفيدهم شيئا، ولا تغني عنهم عندما يعودون إلى حقيقتهم، فيجدونها مملوءة بالكدورات، ومستعدة لكل ألوان العذاب.

اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 264
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست