وفي حديث آخر قال a: (إذا كان يوم القيامة جمع
الله الخلائق في صعيد واحد ونادى مناد من عند الله يسمع آخرهم كما يسمع أوّلهم،
يقول: أين أهل الصبر؟ قال: فيقوم عنق من الناس فتستقبلهم زمرة من الملائكة فيقولون
لهم: ماكان صبركم هذا الذي صبرتم؟ فيقولون: صبرنا أنفسنا على طاعة الله، وصبرناها
عن معصيته، قال: فينادي مناد من عند الله: صدق عبادي خلّوا سبيلهم ليدخلوا الجنة
بغير حساب؛ قال: ثمّ ينادي مناد آخر يسمع آخرهم كما يسمع أوّلهم، فيقول: أين أهل
الفضل؟ فيقوم عنق من الناس فتستقبلهم الملائكة، فيقولون: ما فضلكم هذا الذي ترديتم
به؟ فيقولون: كنا يجهل علينا في الدنيا فنحتمل، ويساء إلينا فنعفو، قال: فينادي
مناد من عند الله تعالى صدق عبادي، خلّوا سبيلهم ليدخلوا الجنة بغير حساب؛ قال:
ثمّ ينادي مناد من الله عزّ وجلّ يسمع آخرهم كما يسمع أوّلهم، فيقول: أين جيران
الله جلّ جلاله في داره؟ فيقوم عنق من الناس فتستقبلهم زمرة من الملائكة، فيقولون
لهم: ما كان عملكم في دار الدنيا فصرتم به اليوم جيران الله تعالى في داره؟
فيقولون: كنّا نتحاب في الله عزّوجلّ، ونتباذل في الله، ونتزاور في الله، قال:
فينادي مناد من عند الله تعالى: صدق عبادي خلّوا سبيلهم لينطلقوا إلى جوار الله في
الجنة بغير حساب، قال: فينطلقون إلى الجنة بغير حساب)، ثمّ قال الإمام الباقر: (فهؤلاء
جيران الله في داره يخاف الناس ولا يخافون، ويحاسب الناس ولا يحاسبون) ([185])
والنجاة والسلامة ـ أيها المريد الصادق ـ لا ترتبط بتلك العوالم فقط،
وإنما ترتبط بالحياة الدنيا أيضا.. فالله تعالى بكرمه يهب هذه الموهبة العظيمة
للمؤمنين في الدنيا قبل