اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 210
الموسر. قال: قال الله عزّ وجلّ:
تجوّزوا عنه) ([182])
ثانيهما: أن الجانب الإنذاري من
هذه الموهبة يجعله حذرا من كل سلوك يقوم به خشية أن يضاعَف له عذابه، وذلك أكبر
رادع يعينه على تزكيه نفسه، التي تحتاج من الروادع والزواجر ما يقمع عنادها
وغرورها.
ولهذا يقترن في القرآن الكريم ذكر
الجزائين جميعا، حتى تمتلئ النفس بالرغبة، وتمتلئ في نفس الوقت بالرهبة، لترحل من
خلالهما إلى عوالم أعظم من الرغبة والرهبة.
ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى
فيما أخبر عنه من خطاب مؤمن آل فرعون لقومه: ﴿يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39)
مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا
مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ
يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [غافر: 39، 40]
وغيرها من الآيات الكريمة التي نرى
فيها التفاصيل الكثيرة المرتبطة بأنواع الجزاء، وأنواع الأعمال المسببة لها، مما
لا نجد مثله في أي مصدر من المصادر المقدسة.
وهذا الجزاء الأوفى ـ أيها المريد
الصادق ـ لا يشمل فقط ما يتوهمه الكثير من المستغرقين في الحس بأنه قاصر على
الجزاء الحسي من القصور والأنهار والأشجار والثمار والحور والولدان وأنواع الطعام
والشراب وغيرها، وإنما هو شامل لكل أنواع الجزاء المعنوي أو الروحي، من الرضى
والفرح والسعادة والتواصل مع الله، والتي تتاح لأهل