اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 197
من كل
الكدورات التي تشوهه.
وقد أخبر أن
من أوتي الحكمة أوتي معها خيرا كثيرا، ذلك لأنها هي السبب في تولد العلوم بعضها من
بعض، وكلما ازداد العلم الحقيقي ازداد معه النقاء والطهارة والرقي.
وقد عبر بعض
الحكماء عن ذلك بقوله: (والمعارف إذا
اجتمعت في القلب وازدوجت على ترتيب مخصوص أثمرت معرفة أخرى، فالمعرفة نتاج
المعرفة. فإذا حصلت معرفة أخرى وازدوجت مع معرفة أخرى حصل من ذلك نتاج آخر. وهكذا
يتمادى النتاج وتتمادى العلوم ويتمادى الفكر إلى غير نهاية، وإنما تنسدّ طريق
زيادة المعارف بالموت. أو بالعوائق وهذا لمن يقدر على استثمار العلوم ويهتدي إلى
طريق التفكير. وأما أكثر الناس فإنما منعوا الزيادة في العلوم لفقدهم رأس المال
وهو المعارف التي بها تستثمر العلوم، كالذي لا بضاعة له فإنه لا يقدر على الربح،
وقد يملك البضاعة ولكن لا يحسن صناعة التجارة فلا يربح شيئاً، فكذلك قد يكون معه
من المعارف ما هو رأس مال العلوم ولكن ليس يحسن استعمالها وتأليفها وإيقاع
الازدواج المفضي إلى النتاج فيها)([155])
وهذا الانتاج
المتزايد المتنامي لثمرات الحكمة، لا يكون في أكمل صوره إلا لمن جمع مع الفهم
وآلياته قلبا منورا بنور الذكر، كما قال بعضهم:(إنّ أهل العقل لم
يزالوا يعودون بالذكر على الفكر، وبالفكر على الذكر حتى استنطقوا قلوبهم فنطقت
بالحكمة)
فاسع ـ أيها المريد الصادق ـ لأن تتحقق بهذه المعاني، حتى تتنزل عليك
الحكمة، ويشرق قلبك بأنوارها؛ فحقيقتك وصفاؤك وترقيك في مراتب الكمال لن يتحقق من
دونها.