وأخبر أن قوانين الدنيا التي يتفاضل البشر فيها بأحسابهم وأنسابهم
وأموالهم وغيرها من الموازين التي ابتدعوها، ستُرفع في الآخرة؛ فلا ينال التكريم
إلا الصالحون الذين هذبوا نفوسهم، لا الذين استسلموا للقوانين المفلسة التي وضعها
الشيطان، قال تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ
بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ
الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ﴾ [المؤمنون: 101
- 103]
وبذلك؛ فإن موازين الفلاح الحقيقي مرتبطة بالقيم الأخلاقية والروحية
والسلوك الرفيع، فهي وحدها الحقائق التي تثبت في الميزان، وما عداها باطل لا قيمة
له، بل إنه سيكون وبالا وخسارة على صاحبه، قال تعالى: ﴿وَالْوَزْنُ
يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا
أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ﴾ [الأعراف: 8، 9]
ولم تكتف النصوص المقدسة بذكر قوانين الفلاح، وإنما فصلت في الأصول
الكبرى لمن يريد الحصول عليه، لينال من خلاله السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة،
وفي حياته الظاهرة والباطنة.