ولهذا؛ فإن السر في كل ذلك يرجع إلى تلك الأنوار التي تغمر القلوب؛
فتتشربها، وتستوعب بها الحقائق، وبقدر تشربها لها تكون قناعتها ويقينها، وبقدر
يقينها يكون سلوكها وصلاحها.
وقد ذكرت لك في رسائل سابقة ما ذكره أئمة الهدى والحكماء من أنواع
الأنوار التي يهبها الله لعباده ليتيسر السلوك عليهم، وزيادة هدايتهم، ومنها ما أشار
إليه الإمام الصادق، بقوله: (الأنوار مختلفة: أولها نور حفظ القلب، ثم نور الخوف،
ثم نور الرجاء، ثم نور التذكر، ثم نور النظر بنور العلم، ثم نور الحياء، ثم نور
حلاوة الإيمان، ثم نور الإسلام، ثم نور الإحسان، ثم نور النعمة، ثم نور الفضل، ثم
نور الآلاء، ثم نور الكرم، ثم نور العطف، ثم نور القلب، ثم نور الإحاطة، ثم نور
الهيبة، ثم نور الحيرة، ثم نور الحياة، ثم نور الأنس، ثم نور الاستقامة، ثم نور
الاستكانة، ثم نور الطمأنينة، ثم نور العظمة، ثم نور الجمال، ثم نور القدرة، ثم
نور الجلال، ثم نور الألوهية، ثم نور الوحدانية، ثم نور الفردانية، ثم نور
الأبدية، ثم نور السرمدية، ثم نور الديمومية، ثم نور الأزلية، ثم نور البقاء، ثم
نور الكلية، ثم نور الهوية.. ولكل واحد من هذه الأنوار أهل وله حال ومحل، وكلها من
أنوار الحق التي ذكر الله تعالى في قوله: ﴿الله نُورُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ﴾، ولكل عبد من عبيده مشرب من نور هذه الأنوار، وربما كان له حظ
من نورين أو ثلاثة.. ولن تتم هذه الأنوار لأحد إلا للمصطفى، لأنه القائم مع الله
تعالى بشرط تصحيح العبودية والمحبة. فهو نور وهو من ربه على نور)([89])
[89] نقلا عن: التفسير الصوفي للقرآن عند
الصادق، ص 176.
اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 111