اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 82
بل
ذكر أن كل العلوم مرتبطة بأفعال الله، ويمكن من خلالها التعرف على الله، فقال: (ثم
هذه العلوم ما عددناها وما لم نعدها ليست أوائلها خارجة عن القرآن، فإن جميعها
مغترفة من بحر واحد من بحار معرفة الله تعالى، وهو بحر الأفعال، وقد ذكرنا أنه بحر
لا ساحل له، وأن البحر لو كان مدادا لكلماته لنفد البحر قبل أن تنفد) ([162])
ثم
ذكر بعض النماذج على ذلك، وهو الطب، فقال: (فمن أفعال الله تعالى الشفاء والمرض،
كما قال الله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ
فَهُوَ يَشْفِينِ﴾،. وهذا الفعل الواحد لا يعرفه إلا من عرف الطب بكماله،
إذ لا معنى للطب إلا معرفة المرض بكماله وعلاماته، ومعرفةُ الشفاء وأسبابه) ([163])
ومنها
علم الفلك، فـ (من أفعاله تعالى تقديرُ معرفة الشمس والقمر ومنازِلِهما بِحُسبان،
وقد قال الله تعالى: ﴿الشمس والقمر بِحُسْبَانٍ﴾؛ وقال: ﴿وَقَدَّرَهُ
مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السنين والحساب﴾؛ وقال: ﴿وَخَسَفَ
القمر وَجُمِعَ الشمس والقمر﴾؛ وقال: ﴿يُولِجُ الليل فِي النهار
وَيُولِجُ النهار فِي الليل﴾؛ وقال: ﴿والشمس تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ
لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العزيز العليم﴾.. ولا يعرف حقيقة سَيْر الشمسِ
والقمرِ بِحُسبان، وخُسوفِهما وَوُلُوجِ الليلِ في النهار، وكيفيةَ تَكَوُّرِ
أحدهما على الآخر، إلا من عرف هيئاتِ تركيبِ السَّماوَات والأرض، وهو علم برأسه) ([164])
وهكذا
كل العلوم، يمكن أن تصبح مرايا للتعريف بالله، والدلالة عليه، ولا يمكن للنفس
المطمئنة أن تُحجب بأمثال تلك العلوم، وكيف تحجب بها، وهي لم تصل إلى تلك