اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 427
الشکر و الحمد
كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ
تسألني عن الشكر والحمد، وحقيقتهما، وعلاقتهما بالنفس المطمئنة، وكيفية التحقق
بهما.
وجوابا على سؤالك الوجيه أذكر لك أن
الحمد والشكر من المنازل الضرورية للنفس المطمئنة، ذلك أنه لا تكتمل طمأنينتها،
ولا سلامها، ولا ترقيها في مراقي السلوك من دون تحققها بمراتبها، ولو الدنيا منها.
بل إن رحلة السالكين إلى الله كلها
رحلة مرتبطة بالحمد والشكر.. فبالحمد يتعرفون على كمالات الله التي لا حدود لها..
وبالشكر يتحققون بالقيم التي ترتبط بتلك الكمالات.
وإن شئت مثالا يقرب لك هذا، فانظر إلى
نفسك، وكيفية تعاملك مع من يشكر فضلك القليل، أو إحسانك الجزيل، وكيف تزيده من
فضلك، لأنك من خلال شكره لك عرفت أهليته لفضلك وإحسانك.. بينما تعامل من جحد
معروفك بقطع فضلك عنه، لعلمك بعدم استحقاقه أو قابليته له، ولذلك
وعد الله تعالى الشاكرين بالمزيد، فقال: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ
لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ (ابراهيم: 7)
وهذا المزيد لا يرتبط بالنعم الحسية
فقط، وإنما يرتبط قبل ذلك وبعده بتلك المنازل الرفيعة، والمقامات السنية، والأحوال
الرضية التي ينزل الله تعالى فيها النفوس التي حمدته وشكرته.
وبما أن هذه المنزلة هي الأساس الذي
تؤسس عليه سائر المنازل، وهي القمة التي تهفو إليها، فقد أخبر الله تعالى عن قلة
المتصفين بها، فقال: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ
عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: 13]، وقال: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ
لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 427