اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 417
العزه و الشجاعه
كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ
تسألني عن العزة والشجاعة، وعلاقتهما بالنفس المطمئنة، وكيف ينسجم ذلك مع السلام
والهدوء والطمأنينة.
وجوابا على سؤالك الوجيه أذكر لك أن طمأنينة
النفس لا تعني كسلها ولا ذلتها ولا هوانها ولا امتلائها بالضعف.. بل تعني
طمأنينتها للحقائق الوجودية، وتحققها بالقيم المرتبطة بها، وتحاكمها إلى الموازين
التي تسير عليها.
ولذلك إن اقتضت تلك القيم الهدوء هدأت
النفس وسكنت وسلمت واستسلمت.. لكنها إن اقتضت الثورة.. ثارت النفس.. ومارست كل ما
تقتضيه الثورة من أصناف الشجاعة والبطولة.
وذلك ـ أيها المريد الصادق ـ نابع من
أن النفس المطمئنة هي النفس المنفعلة بالحقائق العقدية، وما دام الله عزيزا،
فالنفس تستعز بعزته، وما دام الله قويا، فالنفس تنفعل لتلك القوة، وتمارسها في كل
ما تحتاج إليه.
ولذلك كانت العزة والشجاعة من الصفات
الضرورية في التزكية والترقية.. فالعزيز هو الذي يأبى الهوان، ويتعالى على
السفاسف، ولذلك يجاهد نفسه حتى يتخلص منها، وحتى يتحقق بما تقضيته عزته من مكارم،
ولذلك وصف الله تعالى المؤمنين بالعزة، فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى
الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ
ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَالله وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾
[المائدة: 54]
وبين سبب العزة الحقيقية، وهو الارتباط
بالله تعالى، فقال: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 417