ولهذا، فإن لكل لطيفة من
لطائف الإنسان، أو جارحة من جوارحه عفتها الخاصة بها، كما أشار إلى ذلك قوله a
في تفسير الحياء، والذي هو المنبع الذي تصدر منه العفة: (الاستحياء من الله حقّ
الحياء: أن تحفظ الرّأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد
الآخرة ترك زينة الدّنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حقّ الحياء)([877])
وقد ذكر بعض الحكماء سر
ضرورة العفة في الكمال الإنساني، فقال: (الكمال عزيز والكامل قليل الوجود، وأوّل
أسباب الكمال تناسب أعضاء البدن وحسن صورة الباطن، فصورة البدن تسمّى خَلقا، وصورة
الباطن تسمّى خُلقا، ودليل كمال صورة البدن حسن السّمت واستعمال الأدب، ودليل كمال
صورة الباطن حسن الطّبائع والأخلاق.. فالطّبائع: العفّة، والنّزاهة، والأنفة من
الجهل، ومباعدة الشّره.. والأخلاق: الكرم والإيثار
وستر العيوب وابتداء المعروف، والحلم عن الجاهل.. فمن رزق هذه الأشياء رقّته إلى
الكمال، وظهر عنه أشرف الخلال، وإن نقصت خلّة أوجبت النّقص)([878])
وقال آخر: (الكمال في
ثلاثة: العفّة في الدّين، والصّبر على النّوائب، وحسن التّدبير في المعيشة)([879])
وقال آخر: (كان أهل
الجاهليّة لا يسوّدون إلّا من كانت فيه ستّ خصال وتمامها في الإسلام سابعة:
السّخاء، والنّجدة، والصّبر، والحلم، والبيان، والحسب، وفي الإسلام