اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 298
وقد جمع بعضهم أصولها
الكبرى، وذكر أنها ستة، وهي([669]):
الأول: ترك الخصومة، لأن
الخصومة إنما تكون على حق يطلب، والفتى لا يرى لنفسه حقاً ليخاصم عليه، وبهذا يعرف
بأن المراد بترك الخصومة ترك اعتقاد استحقاقها، بحيث لا يكون الترك لها باللسان
فقط بل ومن القلب أيضاً، بحيث لا يخطر على الخاطر لارتفاع ما يوجبها وهو اعتقاد أن
ثم حقا يُخاصم عليه.
الثاني: التغافل عن الزلة،
فإن الفتى من إذا تحقق من أحد وجود زلة أو رآها فيه، فإنه كما أنه يسترها عليه فهو
أيضاً يظهر منه أنه ما رآها منه ولا علم بوجودها له، وذلك ليزيل عن صاحبها بهذا
التغافل وحشة المنقصة ويريحه من الاستحياء والمعذرة، ولئلا يرى ذلك الشخص أن لهذا
الفتى عليه حقا يستره له عند تلك الزلة.
الثالث: نسيان الأذية، فإن
الفتى يتناسى أذية من آذاه ليصفو قلبه، ولأن سره مشغول بالحق عن تصفح الزلات، فهو
لا يزال في صفح، لا في تصفح.
الرابع: أن يقرب من تعصه
بباطنه لا بظاهره فقط، بل بحيث يلزم نفسه معاشرة ضده والإحسان إليه ليتحقق بالتخلق
بالفتوة.
الخامس: أن يكرم من يؤذيه
وإلا لم يتحقق بالفتوة، بل كان من أهل الاحتمال وكذا متى لم يكرمه باطنه ـ كما
أكرمه بالظاهر ـ لم يعد من الفتيان بل من الكاظمين الغيظ الذين هم دون العارفين،
الذين هم دون الفتيان، الذين وصفهم الله تعالى بالإحسان في قوله: ﴿وَاللَّهُ
يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾
السادس: أن يعتذر إلى من
يجني عليه.
وبما أن الفتوة مثل كل
المنازل تبدأ بسيطة دنية، وترتقي في سلم الكمال الذي لا نهاية
[669]
لطائف الإعلام في إشارات أهل الإلهام، ص 451 -452.
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 298