وقال آخر: (الفتوة: هي
إيثار الخلق بنفسك بعد أن تؤثرهم في الدنيا والآخرة، وذلك بأن تبذل نفسك لكل نفيس
وخسيس فيما يرد وتمكنهما من التصرف فيك.. وقيل: هي الصفاء والسخاء والوفاء.. وقيل:
هي أن لا ترى لشيء خطراً ولا قدراً.. وقيل: هي أن تضع المعروف مع أهله ومع غير أهله،
فإن لم تكن أهله فكن أنت أهله.. وقيل: أن لا ترى لنفسك فضلاً على غيرك.. وقيل:
إظهار النعمة وكتمان المحبة)([666])
وقال آخر: (الفتوة: طهارة
القلب عن غواش النشأة والرجوع إلى صفاء الفطرة حتى يتصف بالعدالة التي هي جماع
الفضائل الخلقية وظل الوحدة الحقيقية ويتنـزه عن الرذائل النفسية والألواث
الطبيعية)([667])
وسئل بعضهم من يستحق اسم
الفتوة، فقال: (من كان فيه اعتذار آدم، وصلاح نوح، ووفاء إبراهيم، وصدق إسماعيل،
وإخلاص موسى، وصبر أيوب، وبكاء داود، وسخاء محمد.. ثم مع هذا كله يزدري نفسه،
ويحتقر ما هو فيه، ولا يقع بقلبه خاطر مما هو فيه أنه شيء، ولا أنه حال مرضي، يرى
عيوب نفسه ونقصان أفعاله وفضل إخوانه عليه في جميع الأحوال)([668])
وغيرها من التعريفات
الكثيرة التي عبر فيها كل واحد منهم عن رؤيته للفتوة، وليس هناك من تعارض بينها،
ذلك أنها تشملها جميعا، وتشمل غيرها أيضا.
[665]
محمد بن يوسف السنوسي، شرح عقائد التوحيد، ص 80.
[666]
أحمد الكمشخانوي النقشبندي، جامع الأصول في الأولياء، ج 2 ص 302.