اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 283
السماحه واللین
كتبت
إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن السماحة واللين واللطف، ومظاهرها وعلاقتها
بالنفس المطمئنة، وكيفية التحقق بها.
وجوابا
على سؤالك الوجيه أذكر لك أن من علامات النفس المطمئنة الضرورية السماحة واللين
واللطف والعفو والحلم وغيرها من الصفات الدالة على الهدوء الداخلي للنفس، والذي
يأبى إلا أن يسري خارجها؛ فلا يشعر المقتربون من هذه النفس بما يزعجهم أو يحرجهم
أو يؤذيهم، بل يشعرون بها كما يشعرون بالنسيم العليل، والروائح الطيبة.
ولهذا
وصف رسول الله a صحبة الصالحين بذلك، فقال: (إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء
كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك (يعطيك)، وإما أن تبتاع منه،
وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا
منتنة) ([614])
وهكذا
أخبر الله تعالى عن عباد الرحمن، وكيف كانوا يتكلمون، وكيف كانوا يسيرون، وكيف كان
الهدوء والسلام ينبعث من جميع مواقفهم حتى مع أعدائهم، قال تعالى: ﴿وَعِبَادُ
الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ
الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا
وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ
جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا
وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا
وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) ﴾ [الفرقان: 63 - 67]
وهذه
الآيات الكريمة تدل على شمول السماحة واللين لكل الجهات، ابتداء من