اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 260
الادب الرفیع
كتبت
إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن الأدب، وحقيقته، ومنزلته، ومجالاته،
ومظاهره، وهل هو من شروط النفس المطمئنة، أم أنه من كمالاتها.
وجوابا
على سؤالك الوجيه أذكر لك أن الأدب في حدوده الدنيا من شروط النفس المطمئنة؛ ذلك
أنها لا يمكنها أن تتحقق بطمأنينتها ما لم تتحقق به.
وبما
أن طريق النفس المطمئنة لا نهاية لها، فإنه لا نهاية لآدابها.. ذلك أنها في كل
مرتبة من المراتب، أو منزلة من المنازل تكتسب آدابا جديدة.
وكيف
لا تكتسبها، وهي تتقرب إلى ربها.. وعلامة القرب من الله الأدب معه، ومع خلقه،
ولهذا ذكر رسول الله a تأديب ربه له، فقال: (أدبني ربي فأحسن تأديبي) ([564])
ولهذا،
امتلأت المصادر المقدسة بالاهتمام بالآداب وتفاصيلها الدقيقة، وفي كل الشؤون، ذلك
أن من السمات الأولى للمسلم كونه صاحب أدب رفيع، وأخلاق عالية، وسمت حسن.
ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى في موعظة لقمان عليه السلام لابنه: ﴿وَلا
تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا
يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ [لقمان:18]
ومنها دعوته إلى تعليم الأطفال أصول الآداب الاجتماعية، كآداب الاستئذان،
كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ
فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ
يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [النور:59]