اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 151
غيري!..
أفيراني أبدأ بالعطايا قبل المسألة، ثمّ أسأل فلا أجيب سائلي؟!.. أبخيل أنا
فيبخّلني عبدي؟!.. أو ليس الجود والكرم ليّ؟!..أو ليس العفو والرحمة بيدي؟!..أوليس
أنا محلّ الآمال فمن يقطعها دوني؟!.. أفلا يخشى المؤمّلون أن يؤمّلوا غيري؟!..فلو
أنّ أهل سماواتي وأهل أرضي أمّلوا جميعاً ثمّ أعطيت كلّ واحد منهم مثل ما أمّل
الجميع، ما انتقص من ملكي مثل عضو ذرّة، وكيف ينقص مُلْك أنا قيّمه؟!.. فيا بؤساً
للقانطين من رحمتي.. ويا بؤساً لمن عصاني ولم يراقبني!.)([306])
وقال الإمام الباقر: (وقع
مصحف في البحر فوجدوه وقد ذهب ما فيه إلا هذه الآية: ﴿ أَلَا إِلَى اللَّهِ
تَصِيرُ الْأُمُورُ﴾ [الشورى: 53] &﴾)([307])
فتأمل
ـ أيها المريد الصادق ـ في هذه الحكايات والروايات، فهي ليست للتسلية، وإنما هي للعبرة،
ولتعريفك بالحقائق التي تعينك على التسليم لربك؛ فلا يفوز في الدنيا والآخرة إلا
من سلم واستسلم له استسلاما مطلقا.
واعلم ـ أيها المريد
الصادق ـ أن لله تعالى في لطفة في تدبير الأمور من العجائب ما لا يمكن لعقلك أن
يستوعبه، أو يحيط به.. ولذلك كان تسليمك لله مرتبطا بثقتك فيه.
وقد حكى الله تعالى عن
الخضر عليه السلام، وكيف خرق السفينة، وقد كان ذلك في الظاهرة مصيبة لهم، لكنه كان
في الحقيقة رحمة عظيمة بهم، كما قال تعالى: ﴿ أَمَّا السَّفِينَةُ
فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا
وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ﴾ [الكهف:
79]
وهكذا ما حصل ليوسف عليه
السلام، فقد كان في ظاهرة مصيبة، لكنه في باطنه