اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 150
ومن
أحاديث الإمام علي عنه قوله: (كان فيما وعظ به لقمان ابنه أن قال له: (يا بنيّ..
ليعتبر من قصُر يقينه، وضَعُفت نيّته في طلب الرزق، أنّ الله تبارك وتعالى خلقه في
ثلاثة أحوال من أمره وآتاه رزقه، ولم يكن له في واحدة منها كسبٌ ولا حيلة أنّ الله
تبارك وتعالى سيرزقه في الحال الرابعة.. أمّا أوّل ذلك فإنّه كان في رحم أمه،
يرزقه هناك في قرار مكين، حيث لا يؤذيه حرّ ولا برد، ثمّ أخرجه من ذلك وأجرى رزقاً
من لبن أمّه يكفيه به ويربّيه وينعشه من غير حول به ولا قوة، ثمّ فُطِم من ذلك
فأجرى له رزقاً من كسب أبويه برأفة ورحمة له من قلوبهما لا يملكان غير ذلك، حتى
أنّهما يؤثرانه على أنفسهما في أحوال كثيرة، حتى إذا كبر وعقل واكتسب لنفسه ضاق به
أمره، وظنّ الظّنون بربّه، وجحد الحقوق في ماله، وقتّر على نفسه وعياله، مخافة
إقتار رزقه، وسوء يقين بالخَلَف من الله تبارك وتعالى في العاجل والآجل، فبئس
العبد هذا يا بنيّ !.)([305])
ويذكر
الإمام الصادق أنه مما أوحى الله تعالى به لبعض أنبيائه: (وعزّتي وجلالي ومجدي..
لأقطعنّ أمل كلّ مؤمّل من الناس أمّل غيري باليأس، ولأكسونّه ثوب المذلّة عند
الناس، ولأنحيّنّه من قربي، ولأبعّدنّه من وصلي.. أيؤمّل غيري في الشدائد والشدائد
بيدي، ويرجو غيري ويقرع بالفكر باب غيري، وبيدي مفاتيح الأبواب وهي مغلقة، وبابي
مفتوح لمن دعاني..فمن ذا الّذي أمّلني لنوائبه فقطعته دونها؟!..ومن ذا الّذي رجاني
لعظيمة فقطعت رجاه منّي؟!.. جعلت آمال عبادي عندي محفوظة فلم يرضوا بحفظي، وملأت
سماواتي ممّن لا يملّ من تسبيحي، وأمرتهم أن لا يغلقوا الأبواب بيني وبين عبادي
فلم يثقوا بقولي، ألم يعلم من طرقته نائبة من نوائبي أنّه لا يملك كشفها أحد غيري
إلاّ من بعد إذني، فما لي أراه لاهياً عنّي؟!.. أعطيته بجودي ما لم يسألني، ثمّ
انتزعته عنه فلم يسألني ردّه وسأل