responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارف النفس الراضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 51

 

الوحده و الکثیر

 

كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن الوحدة والكثرة التي يتحدث عنها الحكماء، ويشيرون إلى أنها من المعارف الضرورية للنفس الراضية، وأنها لن تتحقق برضاها حتى تميز بين محال الوحدة، ومحال الكثرة.

وجوابا على سؤالك الوجيه أذكر لك أن النفس لن تنال طمأنينتها، ولا رضاها، ولا سعادتها إلا بتحققها بهذه المعرفة، لا في الذهن والعقل فحسب.. بل في كل الكيان واللطائف.. وفي كل السلوكات والمواقف.

ولا تكفيها تلك المعرفة، حتى تتوحد معها، بحيث تتوجه إلى الواحد الأحد، وبكل الوجوه، حتى لا يجعلها الشرك الخفي أسيرة للشتات والآلام.

ولتفهم هذا، وأثره في النفس والسلوك أذكر لك هذا المثال، لتطبقه على حقائق الوجود.. تصور أنك ذهبت إلى مدينة من المدن؛ فتعرض لك فيها بعض المجرمين، الذين استطعت التعرف عليهم، وأخذ صورهم، بل معرفة أسمائهم.. لكنك عندما سألت عن الشرطة الذين تشكو إليهم حالك، أخبروك أن للشرطة في المدينة مراكز مختلفة، لكل مركز جهته الخاصة به.. فسألتهم عن المحكمة.. فأخبروك أنها كذلك.. وأن بعض أولئك المجرمين الذين سطوا عليك لديهم علاقات ببعض تلك المحاكم.. وهكذا إلى أن سألتهم عن صاحب الأمر في المدينة.. فأخبروك أنها موزعة على عدد من الحكام، لكل منهم قوانينه الخاصة به.. أو أنها تحت إمرة حاكم واحد، لكنه فوض شؤون المملكة لوزراء ومستشارين مختلفين، بحيث يتصرف كل منهم بحسب ما تملي عليه رغبته، ويملي عليه مزاجه.

هذا مثال يدلك على الكثرة بكل معانيها.. وهي قد تنطبق على أولئك المشركين الذين

اسم الکتاب : معارف النفس الراضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 51
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست