اسم الکتاب : معارف النفس الراضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 394
ومثل ذلك أخبر أن نهاية
كل الكدح والتعب في الدنيا هي لقاء الله، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا
الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ﴾[الانشقاق:6]
ومثل ذلك ذكر الله
تعالى الحجاب والقطيعة، فقال: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ
عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: 15]
وهكذا لم يكتف بتلك
العقوبات التي سلطها على الأقوام الظالمين، وإنما أضاف إليها عقوبة البعد والحجاب،
كما قال تعالى عن قوم نوح عليه السلام: ﴿ وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي
مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ
عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [هود: 44]
وقال عن ثمود: ﴿أَلَا
إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ﴾ [هود: 68]
وقال عن مدين: ﴿كَأَنْ
لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ﴾
[هود: 95]
وقال عنهم وعن غيرهم من
الأمم: ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً
رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ
أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [المؤمنون: 44]
وكل هذه المعاني ـ أيها
المريد الصادق ـ لا تعني ظواهرها الحسية؛ فكما أن الله تعالى هو القدوس المنزه عن
كل تشبيه وتجسيم؛ فكذلك وصاله واللقاء به، أو حجابه وبعده وقطيعته.. كلها من
المعاني المنزهة عن كل ما لا يليق بالله.
اسم الکتاب : معارف النفس الراضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 394