responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارف النفس الراضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 123

 

القیم الثابته

 

كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن أولئك الذين يذكرون أن القيم الأخلاقية وغيرها مجرد معان متعارف على حسنها وقبحها، وأنها في ذاتها لا تحمل أي دلالة على ذلك، وما يعطيها ذلك الوصف هو أمر الله تعالى بها.

ذلك أنه ـ كما يقول بعضهم ـ (هو المالك، القاهر، الذي ليس بمملوك، ولا فوقه مبيح، ولا آمر، ولا زاجر، ولا حاظر، ولا مَن رَسَمَ له الرسوم، وحدّ له الحدود.. فإذا كان هذا هكذا، لم يقبح منه شيء، إذ كان الشيء إنَّما يقبح منّا، لأنَّا تجاوزنا ما حدّ ورسم لنا، وأتينا ما لم نملك إتيانه.. فلمَّا لم يكن الباري مملوكاً ولا تحت آمر، لم يقبح منه شيء.. فإن قال: فإنما يقبح الكذب لأنه قبّحه، قيل له: أجل، ولو حسّنه لكان حسناً، ولو أمر به لم يكن عليه اعتراض.. فإن قالوا: فجوِّزوا عليه أن يكذب، كما جوزتم أن يأمر بالكذب. قيل لهم: ليس كل ما جاز أن يأمر به، جاز أن يوصف به)([176])

وقد ذكر هؤلاء أن الله تعالى يمكن أن يعذب الطائعين الصالحين، وينعم على المنحرفين الفاسدين، لأنه يفعل في ملكه ما يشاء، وكل ما يفعله حسن، و﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: 23]

وذكروا أنه يمكن أن يكلف الله عباده بما لا يطيقون، وأنه عادل في ذلك التكليف، وله أن يعاقبهم على تقصيرهم.

وجوابا على سؤالك الوجيه أذكر لك أن هذا القول الذي ذكرته يتنافى مع النصوص المقدسة، ويتنافى بعد ذلك مع الفطرة السليمة، ويتنافى قبله مع معارف النفس المطمئنة،


[176] اللّمع، ص 117.

اسم الکتاب : معارف النفس الراضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 123
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست