responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معارف النفس الراضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 113

 

الاراده النافذه

 

كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن إرادة الله تعالى ومشيئته ومجالاتها وعلاقتها بالمقادير المختلفة، وعلاقتها بالحرية الإنسانية، وعلاقتها بعد ذلك كله وقبله برضى النفس وطمأنينتها.

وجوابا على سؤالك الوجيه أذكر لك أن السر الأكبر في طمأنينة النفس وسلامها واستقرارها، بل السر الوحيد، هو شعورها بكمال ربها وعظمته وعدم حاجتها إلى غيره.. لأن كل مطالبها عنده، وكل حاجاتها لديه، وذلك ـ كما يقتضي علم الله تعالى الواسع المحيط، وقدرته المطلقة التامة ـ يقتضي كذلك إرادته النافذة التي لا يزعجها أو يقهرها أو يكرهها شيء.

ذلك أنه لا ينفع علم العالم، ولا قدرة القادر، إذا كان صاحب إرادة متذبذبة ضعيفة، تختلف باختلاف مزاجه، من دون أن تستند إلى سنن محكمة، أو قوانين ضابطة، وذلك مما يجعل الراكن إليه راكنا إلى رياح هوجاء تقلبه كل حين بحسب الأمزجة المتقلبة، لا بحسب القوانين الثابتة.

ولذلك كان فرح المؤمن بإرادة الله، واتساعها لكل شيء مثل فرحه بعلم ربه وقدرته ولطفه وحكمته.. ذلك أن الإرادة هي التي توجه المقادير الإلهية إلى كل المصالح التي تقتضيها.

أما الذين يشاغبون في الإرادة الإلهية وينزعجون منها؛ فسبب ذلك يعود إلى أوهامهم التي جعلتهم لا يقدّرون الله حق قدره، فتوهموا أن إرادة الله تلغي إرادتهم.. ولو أنهم أعملوا عقولهم لعلموا أنهم أحرار في كل ما يقومون به، والدليل على ذلك حريتهم

اسم الکتاب : معارف النفس الراضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست