responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 500

الإنس والجن.

المعاقبة والتزكية:

أما المعاقبة ـ أيها المريد الصادق ـ فيقصدون بها ذلك التشدد الذي يمارسونه مع أنفسهم جراء مخالفتها لأحكام الشريعة، وقد عبر بعض الحكماء عن ضرورة هذه المعاقبة؛ فقال: (مهما حاسب الإنسان نفسه فلم تسلم عن مقارفة معصية وارتكاب تقصير في حق الله تعالى، فلا ينبغي أن يهملها.. لأنه إن أهملها سهل عليه مقارفة المعاصي، وأنست بها نفسه، وعسر عليه بعد ذلك فطامها، وكان ذلك سبب هلاكها، بل ينبغي أن يعاقبها، فإذا أكل لقمة شبهة بشهوة نفس ينبغي أن يعاقب البطن بالجوع، وإذا نظر إلى غير محرم ينبغي أن يعاقب العين بمنع النظر، وكذلك يعاقب كل طرف من أطراف بدنه بمنعه عن شهواته)([1045])

ثم ذكر بعض الأمثلة عن العقوبات، ودورها في التزكية والترقية، فقال: (ومن لطائف العقوبات أن مريد الله إذا رأى شرها في نفسه للطعام ألزمها بالصوم وتقليل الطعام، ثم يكلفها أن تهيئ الأطعمة اللذيذة ويقدمها إلى غيره وهو لا يأكل منها حتى يقوي بذلك نفسه فيتعود الصبر وينكسر شرهه.. ومثل ذلك إن رأى الغضب غالباً عليه ألزم نفسه الحلم والسكوت، بل سلط على نفسه من يصحبه ممن فيه سوء خلق، ويلزمها خدمته حتى يمرن نفسه على الاحتمال معه)

ومن الأمثلة التي ضربها الحكماء على ذلك ما حكي عن بعضهم أنه كان يعود نفسه الحلم ويزيل عن نفسه شدة الغضب، فكان يستأجر من يشتمه على ملأ من الناس ويكلف نفسه الصبر، ويكظم غيظه حتى صار الحلم عادة له بحيث كان يضرب به المثل.


[1045] إحياء علوم الدين، 15/ 26.

اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 500
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست