اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 455
المشارطه الحازمه
كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن المشارطة التي اتفق علماء
التزكية على اعتبارها مرابطة من مرابطات النفس اللوامة التي نص عليها قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 200]، وكيفيتها، واتفاق ما أوردوه عنها مع النصوص
المقدسة.
وجوابا
على سؤالك الوجيه أذكر لك أن الحكماء ـ بحسب استلهامهم من النصوص المقدسة،
وتجاربهم في السلوك العملي ـ ذكروا أنواعا من المرابطات للنفس اللوامة، تعينها على
السير التخلقي والتحققي، وهي تبدأ بالمشارطة، التي يشرط فيها السالك على نفسه
الشروط التي تعينه على السير؛ فيوظف عليها الوظائف المختلفة المرتبطة بالتزكية
والترقية، ويلزمها على ذلك بأنواع المعاهدات الجازمة اللازمة.
ثم
يقوم بعد ذلك بمراقبة سلوكها، ليضيف إليها كل حين مشارطات جديدة، ترتبط بحاجاتها
المختلفة، مع مراقبة مدى التزامها بتلك المشارطات.
ثم
يحاسبها على مدى تنفيذها لما عاهدت الله تعالى عليه، ومن خلال المحاسبة قد يعفو
عنها، وقد يضيف لها من التكاليف الجديدة ما يهذبها ويربيها.
فإذا
وجد أثناء محاسبته لها تقصيرا فيما اشترطه عليها عاقبها بعقوبة تتناسب مع ما
اقترفته، فإن أكل لقمة شبهة عاقبها بالجوع، وهكذا كل طرف من أطراف بدنه يمنعه من
شهوته حتى يتهذب، ويبتعد عن الحرام.
وهكذا
يظل يجاهدها في ذات الله، وبحسب الشريعة التي جاء بها رسول الله a إلى أن
تستقيم له، وتصبح طوع يديه، من غير أن يكف عن متابعتها ومراقبتها خشية أن يأتيه
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 455