اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 40
الدنيا،
أو يقصد به إظهار التفاخر بكثرة المال ليحسده الأقران، أو يقصد به رياء الخلق
ليقوم له الجاه في قلوبهم ويذكر بطيب الرائحة، أو ليتودد به إلى قلوب النساء
الأجنبيات إذا كان مستحلا للنظر إليهن، ولأمور أخر لا تحصى.. وكل هذا يجعل التطيب
معصية، فبذلك يكون أنتن من الجيفة في القيامة، إلا القصد الأول وهو التلذذ
والتنعم، فإن ذلك ليس بمعصية، إلا أنه يسأل عنه. ومن نوقش الحساب عذب، ومن أتى
شيئا من مباح الدنيا لم يعذب عليه في الآخرة، ولكن ينقص من نعيم الآخرة له بقدره،
وناهيك خسرانا بأن يستعجل ما يفنى، ويخسر زيادة نعيم لا يفنى)([34])
ثم
ذكر بعض النيات الحسنة التي يمكن أن تحول من ذلك الغرض النفسي إلى طاعة، ومنها أن
ينوي اتباع سنة رسول الله a في التعطر والتطيب، وتعظيم المسجد، إن كان عند التطيب قاصدا له، أو
ترويح من يجلس إليه، أو دفع الروائح الكريهة التي تؤدى إلى إيذاء مخالطيه، حتى يحسم
عن نفسه باب الغيبة عن المغتابين إذا اغتابوه بالروائح الكريهة، فيعصون الله بسببه،
فمن تعرض للغيبة وهو قادر على الاحتراز منها فهو شريك في تلك المعصية.
ثم
ذكر عن بعض الصالحين أنه كان يقول: (إني لأستحب أن يكون لي في كل شيء نية حتى في
أكلى، وشربي، ونومى، ودخولي إلى الخلاء)
وهكذا
يمكنك ـ أيها المريد الصادق ـ أن تحول من كل شيء يحصل لك في حياتك عملا صالحا، حتى
لا يضيع عليك أجره.
ومن
الأمثلة التي ذكرها الصالحون لذلك نية من ضاع منه شيء؛ فبدل التأسف والتحسر، يحوله
إلى صدقة في سبيل الله، وبذلك ينال ثوابه.. ولو أنه اكتفى بالجزع، لم ينل