اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 397
وقال
الإمام الصادق ـ يصف كيفية ذلك ـ: (إذا أردت الحجّ فجرّد قلبك لله من قبل عزمك من
كلّ شاغلٍ وحجاب كلّ حاجبٍ، وفوّض أمورك كلّها إلى خالقك، وتوكّل عليه في جميع ما
يظهر من حركاتك وسكناتك، وسلّم لقضائه وحكمه وقدره، وودّع الدنيا والراحة والخلق، واخرج
من حقوق تلزمك من جهة المخلوقين، ولا تعتمد على زادك وراحلتك وأصحابك وقوّتك
وشبابك ومالك، مخافةَ أن يصير ذلك عدوّاً ووبالاً، واستعدّ استعداد مَن لا يرجو
الرجوع، وأحسن الصحبة، وراعِ أوقات فرائض الله وسنن نبيّه a، وما يجب عليك من الأدب والاحتمال والصبر والشكر والشفقة والسخاء،
وإيثار الزاد على دوام الأوقات، ثمّ اغسل بماء التوبة الخالصة ذنوبك، والبس كسوة
الصدق والصفاء والخضوع والخشوع، وأحرم عن كلّ شيءٍ يمنعك من ذكر الله، ويحجبك عن
طاعته، ولبّ بمعنى إجابة صافية خالصة زاكية لله عزّ وجلّ في دعوتك، متمسّكاً
بالعروة الوثقى، وطف بقلبك مع الملائكة حول العرش، كطوافك مع المسلمين بنفسك حول
البيت، وهرول هرباً من هواك، وتبرّياً من جميع حولك وقوّتك، واخرج عن غفلتك
وزلاّتك بخروجك إلى منى، ولا تتمنّ ما لا يحلّ لك ولا تستحقّه، واعترف بالخطايا
بعرفات، وجدّد عهدك عند الله بوحدانيّته، وتقرّب إلى الله واتّقه بمزدلفة، واصعد
بروحك إلى الملأ الأعلى بصعودك إلى الجبل، واذبح حنجرة الهواء والطمع عند الذبيحة،
وارمِ الشهوات، والخساسة، والدناءة، والأفعال الذميمة عند رمي الجمرات، واحلق
العيوب الظاهرة والباطنة بحلق شعرك، وادخل في أمان الله وكنفه وستره وكلاءته من متابعة
مرادك بدخولك الحرم، وزر البيت متحقّقاً لتعظيم صاحبه ومعرفة جلاله وسلطانه، واستلم
الحجر رضاءً بقسمته وخضوعاً لعزّته، وودّع ما سواه بطواف الوداع، واصف روحك وسرّك
للقاء الله يوم تلقاه بوقوفك على الصفان وكن ذا مروّة من الله نقيّاً أوصافك عند
المروة، واستقم على شرط حجّتك،
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 397