اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 392
[آل عمران: 97]، أما من لم
يستطع، فقد هيأ الله تعالى ـ بكرمه ولطفه ـ له من المدارس التربوية الأخرى ما يعوض
ما فقده من هذه المدرسة.
ولهذا
لا تلتفت لتلك المبالغات الكثيرة التي يقع فيها من لم يعرف مقاصد الدين، بتوهمه أن
الإكثار من الحج والعمرة مقصود لذاته، وأنه أشرف الأعمال، ولو أدى ذلك إلى التقصير
في جوانب أخرى من الدين، ومن أهمها الجوانب الاجتماعية؛ فلا يصح أن يكرر المؤمن
الحج والعمرة، ويصرف فيهما الأموال الكثيرة، ويترك الفقراء والمساكين، أو الجهات
التي هي أولى بنفقته.
ومما
يروى في ذلك أن بعضهم عاد من الحج؛ فلقيه الإمام الصادق، فقال: (أتدري ما للحاجّ
من الثواب؟.. إنّ العبد إذا طاف بهذا البيت أسبوعاً، وصلّى ركعتيه، وسعى بين الصفا
والمروة، كتب الله له ستة آلاف حسنة، وحطّ عنه ستة آلاف سيئة، ورفع له ستة آلاف
درجة، وقضى له ستة آلاف حاجة)، فقال الرجل: جُعلت فداك.. إنّ هذا لكثير)، فقال له
الإمام الصادق: (أفلا أخبرك بما هو أكثر من ذلك؟.. لَقضاءُ حاجة امرئ مؤمنٍ أفضل
من حجّة وحجّة وحجّة، حتى عدّ عشر حجج)
([812])
ومما
يروى في ذلك أيضا أن رجلا جاء يودع بشر بن الحارث الحافي، فقال: قد عزمت على الحج
فتأمرني بشيء، فقال له كم أعددت للنفقة؟ فقال: ألفي درهم، قال بشر: فأي شيء تبتغي
بحجك؟ تزهدا أو اشتياقا إلى البيت، أو ابتغاء مرضاة الله تعالى؟ قال: ابتغاء مرضاة
الله، قال: إن أصبت مرضاة الله تعالى وأنت في منزلك، وتنفق ألفي درهم، وتكون على
يقين من مرضاة الله تعالى، أتفعل ذلك؟ قال: نعم، قال: (اذهب فأعطها عشرة أنفس:
مديون يقضي دينه، وفقير يرم شعثه، ومعيل يغني عياله، ومربي يتيم يفرحه، وإن قوي
قلبك