اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 339
مملوءا بالفرح والاستبشار، ومشحونا
بالرغبة إلى الابتدار؛ فاعلم أنّه يأتيك النداء بالبشرى والفوز يوم القضاء) ([675])
واعتبر
ـ أيها المريد الصادق ـ بكلمات الأذان؛ فهي ليست كلمات عادية، وإنما هي رسائل
ربانية، كل كلمة منها لها آثاره التربوية العظيمة إن وعيتها، فانظر (كيف افتتحت
بالله، واختتمت بالله، واعتبر بذلك أنّ الله جلّ جلاله هو الأوّل والآخر والظاهر
والباطن.. ووطّن قلبك بتعظيمه وتكبيره عند سماع التكبير، واستحقر الدنيا وما فيها
لئلاّ تكون كاذبا في تكبيرك، وانف عن خاطرك كلّ معبود سواه بسماع التهليل وأحضر
النبيّ a وتأدّب
بين يديه وأشهد له بالرسالة مخلصا وصلّ عليه وآله، وحرّك نفسك، واسع بقلبك وقالبك
عند الدعاء إلى الصلاة وما يوجب الفلاح وما هو خير الأعمال وأفضلها، وجدّد عهدك
بعد ذلك بتكبير الله وتعظيمه واختمه بذكره كما افتتحت به واجعل مبدأك منه وعودك
إليه وقوامك به واعتمادك على حوله وقوّته فإنّه لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ
العظيم)([676])
واستحضر
عند ذلك أيضا أن وقت الأذان المُؤْذِن بدخول وقت الصلاة، ليس وقتا عاديا، وإنما هو
(ميقات جعله الله تعالى لك لتقوم فيه بخدمته، وتتأهّل للمثول في حضرته والفوز
بطاعته، وليظهر على قلبك السرور وعلى وجهك البهجة عند دخوله لكونه سببا لقربك
ووسيلة إلى فوزك، فاستعدّ له بالطهارة والنظافة ولبس الثياب الصالحة للمناجاة كما
تتأهّب عند القدوم على ملك من ملوك الدنيا، وتلقّاه بالوقار والسكينة والخوف
والرجاء)([677])
[675] المحجة البيضاء
في تهذيب الإحياء، ج1، ص: 378