اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 317
ومن
ذلك ما عبر به a عن ظاهرة الكسوف التي تكتفي عقولنا بتفسيرنا المادي لها، فقد أخبر a أن لها تفسيرا روحيا نص عليه
بقوله a:(إن
الشمس والقمر خلقان من خلق الله وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله
عز وجل إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له)([622])
فمعرفتنا
بالمواقيت الدقيقة المحددة للكسوف، ومعرفتنا بالأسباب الظاهرة لحصوله لا تنفي هذا،
فقد يكون للشيء الواحد الأسباب الكثيرة، فلا ينبغي أن ننكر ما نجهل من الأسباب،
ولا ينبغي أن نكون من ضيق الأفق، وقصور الهمة بحيث نكتفي بما لدينا من معارف([623]).
ولذلك
فإن الصادقين مع الله يعرفون ضعفهم وقصورهم؛ فلذلك يسلمون لله تعالى، ولا يشاغبون
ولا يجادلون، بل ينشغلون بتصفية مرآة قلوبهم، لتتجلى الحقائق التي لا تطيق العقول
إدراكها، وقد روي في هذا أن رجلا جاء إلى رسول الله a، فقال:(يا رسول الله إني رأيتني
الليلة وأنا نائم كأني أصلي خلف شجرة فسجدت، فسجدت الشجرة لسجودي فسمعتها، وهي
تقول: (اللهم اكتب لي بها عندك أجرا، وضع عني بها وزرا، واجعلها لي عندك ذخرا،
وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود)، قال الراوي:(فقرأ رسول الله a سجدة ثم سجد فسمعته، وهو يقول
مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة)([624])
أما
سجود البشر؛ فقد أخبر الله تعالى أنه لم يخل منه دين من الأديان، حتى المحرفة
منها، فقد قال على لسان هدهد سليمان عليه السلام: ﴿إِنِّي وَجَدْتُ
امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ