اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 312
القيام
لله إلى مقام القيام بالله، وعن مشاهدة القيومية إلى مشاهدة أنوار العظمة، وعن
مقام توحيد الأفعال إلى مقام توحيد الأسماء، وعن مقام التدلي إلى مقام قاب قوسين،
كما أن السجود هو مقام (أو أدنى) ([606])
ثم
فسر ذلك ـ بحسب الطريق التحققي الذي يسير فيه السالك إلى الله ـ فقال: (حقيقة
القيام هي التدلّي إلى قيومية الحق والوصول إلى أفق المشيئة، وحقيقة الركوع إتمام
قوس العبودية وإفنائه في نور عظمة الربوبية، وركوع الأولياء الكمّل التحقق بهذا
المقام على حسب مراتبهم وحظّهم من حضرات الأسماء المحيطة والشاملة والذاتية والصفاتية
على نحو يكون تفصيله خارجاً عن مجال هذه الأوراق؛ فالسالك إذا وصل منزل الركوع
منزل الفناء الأسمائي يكبّر ويرفع يده كرفعها عند التكبيرات الافتتاحية بتلك
الآداب، وهذا التكبير والرفع باطن إحدى التكبيرات الافتتاحية كما أن تكبير السجود
أيضاً كذلك، وفي هذا المقام يكبّر الحق عن التوصيف وهو من المقامات الشاملة للعبد
وملازم له إلى آخر السلوك ويرفع بيده ويرفض بها مقام التدلي والعبودية والتقوّم
بالقيومية الذي لا يكون خالياً عن شائبة التجلّد والدعوى، ويتوجّه إلى منزل الركوع
صفر اليد ويتجلى لقلبه نور عظمة عرش حضرة الوحدانية والواحدية في فناء منزل قاب
قوسين فينزّه الحق ويسبّحه ويسقط نفسه عن لياقة التكبير، فبقلب وجل وحال خجل من
القصور في أداء حق هذا المنزل الذي هو من أعظم منازل أهل التوحيد يشرع في أداء
حقوقه وعمدتها توصيف الحق بالعظمة بعد التنزيه في جميع منازل الولاية. وبعده يشرع
في التحميد وهو في مقام الذات إشارة إلى توحيد الصفات ولسان العبد في هذا المقام
في التنزيه والتعظيم والتحميد لسان الحق) ([607])
ويدل
لما ذكره هذا الحكيم ما روي في الحديث أنه لمّا نزل قوله تعالى: ﴿فَسَبِّحْ
بِاسْمِ