اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 248
المعارج القرانیه
كتبت
إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن سر ما ورد في النصوص المقدسة من فضائل بعض الآيات
أو السور القرآنية، وعلاقة ذلك بالتزكية والترقية، وهل يمكن الاستفادة من تلك
الفضائل في استخراج الآيات والسور المشابهة لها؟
وجوابا
على سؤالك الوجيه أذكر لك أنه يمكن تشبيه أدوار ووظائف القرآن الكريم في النفس
بتشبيهات كثيرة، تقرب حقيقة علاقته بنا، وعلاقتنا به.
فهو
بالنسبة للمرضى وأصحاب النفوس الأمارة واللوامة بشبه الصيدلية الكبيرة التي تحوي
كل أصناف الأدوية، التي تعالج كل الأمراض، ولذلك فإن من قرأه جميعا، وبتدبر وتفهم
وصدق وإخلاص؛ فسينال بغيته من الشفاء من كل علله وأدوائه.
لكنه
مع ذلك قد يكون محتاجا إلى علاج خاص لأمراض معينة، فلذلك يُنصح بآيات أو سور
تتناسب مع حالته؛ فلا يكتفي بترديدها المرة أو المرتين، بل يحتاج إلى التكرار
الكثير لها، لتستقر معانيها في نفسه، مثلما يفعل الدواء الذي يحتاج إلى مقادير
خاصة ليقوم بدوره في مواجهة الداء.
وهو
بالنسبة للسالكين طريق التخلق والتحقق، معارج ومدارج للنفس لتسير نحو الكمال
المتاح لها.. فكل سورة من سوره معراج خاص لعالم من عوالم الحقائق والقيم، ولذلك
تحتاج النفس ـ بحسب أحوالها ـ إلى المعارج الخاصة بها، والتي تتناسب مع حالتها،
كما أشار إلى ذلك رسول الله a في قوله: (يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في دار
الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها)([494])