اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 231
وكل أنواع اللطف الإلهي.. فلذلك تتحول من
النفس الأمارة إلى النفس المطمئنة، ثم تصعد بعدها في مدارك الكمال بحسب حرصها على
التلاوة الحقة، كما أشار إلى ذلك قوله a: (يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق
ورتل كما كنت ترتل في دار الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها)([436])
فهذا
الحديث كما يشير إلى الارتقاء في درجات الجنة يشير كذلك إلى درجات الارتقاء في سلم
الكمال، ذلك أن درجات الجنة مرتبطة بمدى الكمال الذي يحققه الإنسان.
وهكذا
ينبغي أن تقرأ كل النصوص المقدسة التي وردت في فضل تلاوة القرآن الكريم؛ فهي لا
تبشرك بذلك الفضل الموعود في الجنة فقط، بل تبشرك بفضل آني تناله لحظة قراءتك،
لأنه لا يمكن أن تنال الفضل الموعود دون أن تنال ذلك الفضل الآني، المرتبط بإصلاح
نفسك وتهذيبها، وترقيتها في مدارج الكمال.
فمن
تلك الأحاديث قوله a: (يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حله فيلبس تاج الكرامة،
ثم يقول: يا رب زده، فيلبسه حلة الكرامة، ثم يقول: يا رب ارض عنه فيرضى عنه،
فيقال: اقرأ وارق ويزداد بكل آية حسنة)([437])
فكل
هذه الفضائل العظيمة ينالها قارئ القرآن في الدنيا قبل الآخرة، ذلك أن المعاني
التي يجدها أثناء قراءته هي التي تملؤه بكل المكارم، وهي التي تتوجه بتاج الكرامة،
والذي يتجسد له في الآخرة بصورته الحسية، بعد أن عاشه في الدنيا بحقيقته المعنوية.
ومثله
قوله a: (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيبٌ وطعمها
طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة طعمها طيبٌ ولا ريح لها، ومثل
الفاجر