اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 135
نعمة
الله على عبده وقد أحبها الله، ويحب زوالها عنه والله يكره ذلك، فهو مضاد لله في
قضائه وقدره ومحبته وكراهته)([222])
ويبين
أثر التعبد بأسماء الله تعالى وصفاته في الوقوف الصلب أما المحن والبلايا،
فيقول:(من صحت له معرفة ربه والفقه في أسمائه وصفاته علم يقيناً أن المكروهات التي
تصيبه والمحن التي تنزل به فيها ضروب من المصالح والمنافع التي لا يحصيها علمه ولا
فكرته، بل مصلحة العبد فيما كره أعظم منها فيما يحب)([223])،
ويقول:(فكل ما تراه في الوجود من شر وألم وعقوبة ونقص في نفسك وفي غيرك فهو من
قيام الرب تعالى بالقسط، وهو عدل الله وقسطه، وإن أجراه على يد ظالم، فالمسلط له
أعدل العادلين، كما قال تعالى لمن أفسد في الأرض: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ
أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا
خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً﴾ (الاسراء:5)
وذكر
آخر سر الوصول إلى هذه الدرجة من هذه الإحصاء، فقال: (ولن يتصور أن يمتلئ القلب
باستعظام صفة واستشرافها إلا ويتبعه شوق إلى تلك الصفة وعشق لذلك الكمال والجلال
وحرص على التحلي بذلك الوصف إن كان ذلك ممكنا للمستعظم بكماله فإن لم يكن بكماله
فينبعث الشوق إلى القدر الممكن منه لا محالة)
وذلك
ـ أيها المريد الصادق ـ يشبه التلميذ النجيب المتأثر بأستاذه؛ فإنه إذا شاهد كمال
أستاذه في العلم انبعث شوقه إلى التشبه والاقتداء به، وهكذا في كل الشؤون يكون
الشوق هو الحادي الذي يدفع إلى السلوك، فالجوارح تبع للقلب، وبقدر إعجابه وتعظيمه
وتأثره وانفعاله يكون انقيادها.