اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 106
بالجوانب
الأخلاقية والتربوية، ذلك أن كل معنى من المعاني التي يُمجد بها الله تعالى له
تأثيره في النفس بالدعوة للتخلق بأخلاقه، والتأدب بعظيم صفاته.
ولهذا؛
كان القرآن الكريم كتاب التمجيد والحمد الأعظم؛ فلا تكاد تخلو سورة أو آية من
آياته من تمجيد الله وعظمته، ولذلك كانت تلاوته أعظم وسيلة للتزكية والترقية
والتحقق بكل القيم الروحية والتربوية، بالإضافة إلى كونه تعبيرا عن الحقائق
الوجودية العظيمة، والتي لا يمكن الاستفادة منها من دون معرفتها.
ولهذا،
فإن أول وأعظم سورة في القرآن سورة الفاتحة، والتي جعل الله تعالى تلاوتها ركنا في
الصلاة، تقرأ في كل ركعة، افتتحت بالثناء على الله تعالى، قال تعالى: ﴿الْحَمْدُ
لله رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾
[الفاتحة: 2 - 4]
وقد
ورد في الحديث القدسي قوله a: (قال الله عز وجل: قَسَمْتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي
ما سأل فإذا قال العبد: ﴿الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾
(الفاتحة: 2)، قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾
(الفاتحة: 3)، قال الله: أثنى علي عبدي، فإذا قال: ﴿مَالِكِ يَوْمِ
الدِّينِ﴾ (الفاتحة: 4)، قال: مجدني عبدي، فإذا قال: ﴿إِيَّاكَ
نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ (الفاتحة: 5)، قال: هذا بيني وبين عبدي،
ولعبدي ما سأل، فإذا قال: ﴿اهدنا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ
الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا
الضَّالِّينَ﴾ (الفاتحة: 6، 7)، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) ([179])
ونلاحظ
ـ كما ورد في الحديث القدسي ـ كيف أن الله تعالى بدأ بذكر تمجيده، وحمده، ثم رتب
عليه الدعاء والطلب، وهو يشبه ذلك الذي يذهب إلى الطبيب، ويقول له: بما أنك طبيب
ومختص في كذا وكذا؛ فإني أطلب منك أن تعالجني بما هو في دائرة اختصاصك.